سفر - سفرة
سمى التنزيل الحكيم
السفر الذي هو الارتحال
بالضرب في الأرض
ولا أدل على ما نقول
من قوله تعالى في سورة المزمل
عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم
1- مَّرْضَىٰ
2- وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ
يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ .
جمع الله المرضى مع المسافرين
وسماهم الذين يضربون في الأرض.
ولم يقل سبحانه
عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ
وَآخَرُونَ *عَلَى سَفَرٍ.
وكذا قوله تعالى
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ
فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ
إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا
(النساء - 101)
وعليه قاس الفقهاء تقصير الصلاة في السفر.
ولو كان المقصود بالسفر في آيتي الصيام
الارتحال
لما تركه المولى دون تحديد مسافة السفر أو مدته
ولما ترك المجال للفقهاء ليحددوا الأميال
من عند أنفسهم
الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ
ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
(هود - 1).
جاء في مقاييس اللغة
"سَفَِرَ يَدُلُّ عَلَى الِانْكِشَافِ وَالْجَلَاءِ. "
إذاً فهو الانكشاف والجلاء
فالمريض الذي تعدى مرحلة المرض ودخل في فترة النقاهة
هو على سفر
لأنه دخل في فترة انكشاف المرض وجلائه (النقاهة).
وليس بغريب أن يخصص الطب فترة معينة للمريض
يعتمد فيها على نظام غذائي وحياتي معين
حتى ينكشف مرضه وينجلي تماما.
وقد تدوم فترة السَّفر (النقاهة) طويلا أو تقصر
بحسب نوع المرض وصحة المريض.
ولا يخلو المرض كيفما كان، من هاتين الفترتين، فترة المرض وفترة السَّفر.
بل إن المريض، يحتاج دائما، لهذه الفترة، فترة السَّفر، حتى يستعيد كامل قواه.
ويقدر على الصيام.
لأن الانتكاسة، واردة، وعودة المريض إلى حال المرض، ممكنة
ولذلك فإن فترة النقاهة أو السَّفر
يجب أن يتجنب فيها المريض، الصيام.
وقد سمي المسافر من مكان إلى مكان مسافرا
لأنه ينكشف من مكانه وينجلي عنه،،
جاء في المقاييس
"مِنْ ذَلِكَ السَّفَرُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَنْكَشِفُونَ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ."
ومنه السُّفور، وهو كشف الوجه وجلاؤه
جاء في المقاييس
وَسَفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا، إِذَا كَشَفَتْهُ.
وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ، وَذَلِكَ انْكِشَافُ الظَّلَامِ
ومنه السفير والسِّفارة
وهو السعي بين الناس بالإصلاح
وكشف العداوة وجلائها.
جاء في المقاييس
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: سَفَرَ بَيْنَ الْقَوْمِ سِفَارَةٌ
إِذَا أَصْلَحَ، فَهُوَ مِنَ الْبَابِ
لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا كَانَ هُنَاكَ مِنْ عَدَاوَةٍ وَخِلَافٍ.
ومنه قولهم
"وَوَجْهٌ مُسْفِرٌ، إِذَا كَانَ مُشْرِقًا سُرُورًا"
و هو يحمل معنى انكشاف العبوس وجلاء الهم.
وسميت الكتابة سَفْراً والمكتوب سِفْرا
لأنه يكشف الأفكار ويُجلِّيها
قال ابن فارس
"وَالسَّفْرُ: الْكِتَابَةُ. وَالسَّفَرَةُ: الْكَتَبَةُ
وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ
الْكِتَابَةَ تُسْفِرُ عَمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الشَّيْءِ الْمَكْتُوبِ.
فَمَنْ كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ
. أي فمن كان مريضا أو في فترة نقاهة
لا هو مريض، ولا هو معافى تماماً
ولذلك ربط المولى بينهما ربطا منطقيا، لقوم يعقلون.
ترك المولى فترة النقاهة مفتوحة
لأنها تختلف بحسب المرض والمريض