الحديث النبوي اليهودي
مقال منقول عن السيد Azzeddine Sounni
الميشناه (משנה) (السنّة)
كلمة عبرية مشتقة من الفعل العبري ” شناّه” ومعناها بالعربية (يُثنٌّي أو يكرر)
ولكن تحت تأثير الفعل الآرامي ( تنّا ) أصبح معناها (يدرس)
ثم أصبحت الكلمة تشير بشكل محدد إلى أول ما ألف في التوراه الشفهية
"الميشناه" تعنى فى أصلها "الكتابة الثانية" (بعد التوراة) أو النص الثانى
وهو المصدر الثاني للتشريع عند اليهود.
يقول اليهود الربائيون Rabbinic Jews
أن "القدوس المبارك" (الله) قد أنزل على عبده موسى
حين واعده أربعين ليلة، توراتين (يعني إثنين 2 وحيين ) :
1- الأولى
وهي الأسفار الخمسة مكتوبة في الألواح
==> القرآن
2- الثانية
الميشناه أو التوراة الشفاهية لا يجوز تدوينها الحديث
تناقلها الآباء بعضهم عن بعض، ثم الأحبار بعضهم عن بعض.
==> وهي الوحي الثاني عند اليهود
كما لنا نحن أيضا وحي ثاني كما يقول أحبارنا
وبحيث حفظه عنه هارون
ثم تلقاه من هارون يوشع بن نون،ثم إليعاز وهلم جرا …
حتى وصل الحاخام الرابي يهوذا الناسي
حيث كتب الميشناه بصورته الحالية في القرن الثاني قبل الميلاد.
ومن بين الأحبار المتأخرين أيضا الذين خافوا من زوال التوراة الشفاهية (الميشناه - الحديث) بالنسيان أو موت الحَفَظة
عندها بدأوا بتدوين الأحكام والتفاصيل المتداولة شفاها
كل حسب ما تعلم وحفظ، لاسيما تلاميذ المعلّمين الأشهرين:
هلّيل البابلي (البخاري)
و شمّاي الأورشليمي (مسلم).
في القرون الثلاثة اللاحقة خضعت الميشناه (الحديث) للتحليل والدراسة في كل من فلسطين وبابل
(أكثر أماكن تواجد اليهود في العالم في ذلك الزمان)
ذلك التحليل والدرس عرف باسم الجمارا Gemara גמרא
(كتب التفسير والفقه والمذاهب).
وحاخامات الجيمارا عرفوا باسم أمورايم Amoraim
بمعنى "تراجمة" مفردها أمورا Amora אמורא
تحليلات الأمورايم بشكل عام تركز على إيضاح مواقف وكلمات ورؤى التانايم.
(يعني مفسرين وفقهاء )
الميشناه (الحديث) والجمارا (التفسير والفقه)
يشكلان سوية التلمود (المذهب)
وبهذا الشكل يكون التلمود اتحاد جوهر النص الميشناه (أو التدوين من الفعل شاناه shanah שנה يعيد وينقح)
والتحليل والتفسير التالي له وهو الجمارا (أو الإكمال من الفعل كامار gamar גמר بالعبرية وبالآرامية الدراس).
فتكون التلمود الذي هو لا علاقة له بالتوارة (الأسفار الخمسة)
وإنما هو صناعة بشرية بامتياز.
وتتكون الميشناه ==> السنة(الحديث) من أبواب أو مواضيع هي
1- زراعيم (الزروع)
يتعلق بالصلاة والبركات، النذور وقوانين الزراعة والشرائع المرتبطة بالأرض (11 مقالة)
2- موعيد (الأعياد)
يتعلق بقوانين السبوت والأعياد والصيام (12 مقالة).
3- ناشيم (النساء)
يختص بالزواج والطلاق، بعض صنوف القَسَم وقوانين المنذورين (7 مقالات).
4- نزيقين (الأضرار)
يتناول القانون المدني والجنائي، ووظائف المحاكم والأيمان (10 مقالات).
5- قوداشيم (الأقداس)
يلاحظ شرائع الأضاحي، الهيكل المقدس، وقوانين الأغذية (11 مقالة).
6- طهوروت (الطهارات)
يتعلق بأحكام الطهارة والنجاسة، خصوصاً نجاسة الأموات
وأحكام طهارة الطعام وطهارة الأبدان (12 مقالة).
ويعطي اليهود التلمود(الحديث والفقه)
أهمية كبرى لدرجة أنهم يعتبرونه الكتاب الثاني، والمصدر الثاني للتشريع.
لكن في الحقيقة فإن كل تشريعاتهم من التلمود (الحديث والفقه)
(وكذلك احبارنا يقولون لنا بأن الحديث هو المصدر الثاني)
والتوراة (القرآن) وحدها لا يمكن أن يستخرج منها التشريعات حتى أنهم يقولون
أنه من يقرأ التوراة (القرآن)
بدون الميشناه (الحديث ) والجمارا (الفقه والتفسير)
فليس له إله
يعني كافر
والمشناة (الحديث) والجمارة (الفقه والتفسير)هما جزءا التلمود (المذهب والطريقة).
هكذا تم تحريف ملة اليهود بكتابتهم كتب ونسبها إلى الله على أساس أنها وحي .
جاء في التلمود
1- «من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت أكثر ممن احتقر أقوال التوراة
ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط
لأن علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى».
2- لحوم الحاخامات(العلماء والأئمة)مسمومة
ومن يتكلم عن حاخام (العلماء والأئمة) بسوء فجزاؤه القتل.
3- "لا خلاص" يعني لن يغفر الله (كافر) لمن يشتغل بالتوراة (القرآن) فقط
ويترك التلمود (السنة (الحديث) والفقه).
4- التلمود (السنة والفقه) حاكم على التوراة (القرآن) و قاضي عليها.
5- التوراة (القرآن) أحوج للتلمود (للسنة والفقه)
مما هو التلمود (السنة والفقه) أحوج للتوراة (القرآن).
ثقافة الاختلاف في الميشناه
إن المتأمل للمشنا يكتشف على الفور أن مايميزها من بدايتها حتى نهايتها هو الخلاف.
(إختلاف المذاهب والعلماء رحمة)
بحيث أنها لم تعط كشريعة واضحة ولكن كمجموعة مناقشات واختلافات.
والاختلافات تحدث تحولاً عميقاً بين نموذج الأنبياء (كتاب الله) ونموذج الكهنة (كتب الحديث والفقه).
فالأنبياء يستمدون صلاحياتهم وسلطتهم من الرب (القرآن)
الأمر الذي يحول دون وقوع أي اختلاف لأن هناك قول رب واحد وحقيقة واحدة فقط
وإذا حدث اختلاف بين نبيين فمعنى ذلك أن أحدهما كاذب.
وفي مقابل ذلك يستمد الحاخامات من كونهم مفسرين تلك الصلاحيات
من كونهم أمناء على الطقوس ونقلها للجمهور
ومن هنا أيضا تكمن قدرتهم على شرحها وتعليمها.
لذلك يجب أن يكون هناك اختلاف بين المفسرين نتيجة أنهم لا يتحدثون باسم الله
فالمشناه(الحديث والفقه)هنا ترمز لعهد جديد في نمط تعليم التوراة
حيث لا يتم الحديث باسم الأنبياء بل باسم الحاخامات(الأئمة والعلماء)
ومنبع هذا المنهاج هو المعابد(المذاهب والطرق).
المصدر
1-
ترجمة متن التلمود (المشنا)
القسم الخامس
قداشيم المقدسات
الناشر: المكتبة النافذة
2-
التلمود تاريخه و تعاليمه
دار النفائس للطباعة و النشر