آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

جواب 183

موضوع لم يكتمل بعد

تقول كتب التفسير والروايات

أن سليمان كان يعلم لغة الطيور ويمتلك القدرة على التحدث مع الطيور وفهمها....

ولكن هل هذا معقول؟

وهل كل أنواع الطيور المختلفة تملك لغة واحدة ؟

 

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ

فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ؟ (20)

لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا

أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ

أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ

فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ

وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ

وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)

وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ

وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ

فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)

أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ

الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)

قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ

ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ

فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)

(سورة : 27 - سورة النمل, اية : 20 - 25)

الهدهد يقول جئتك من سبأ بنبأ يقين

كيف عرف الهدهد أن هذه المنطقة تسمى سبأ؟

هل الطير يعرف الإسم الذي يطلقه البشر على المنطقة الجغرافية التي يعيش فيها؟

وهل يعرف الطير أسماء البلدان والمدن والقرى؟

كيف استطاع الهدهد أن يميز بين الرجل والمرأة؟

كيف أستطاع الهدهد أن يعرف أن إمرأة هي الملكة

وأنها أوتيت من كل شيئ؟ وأن لها عرشا عظيما؟

كيف عرف الهدهد أن الملكة وقومها يسجدون للشمس ولا يسجدون لله؟

سليمان يقول للهدهد. سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين...

هل الطير يمتلك القدرة على الكذب ؟ويعرف متى يكذب؟

 

كيف سيلقي الطائر الكتاب إليهم...هل سيسقطه عليهم من الجو

هل سيلاحظ من سيسقط اليه الكتاب ان ما سقط اليه هو رساله مهمه...

 

التاريخ يذكر وجود أشخاص

يحملون مثل هذا الإسم في عهد ملكة سبأ

نحن أمام أمرين

الأول

إما أنه إنسان إسمه الهدهد

(الهدهاد بن شراحيل)

وليس بغريب ان يتسمى الناس بأسماء طيور

فهناك أسماء لطيور لا زال الناس يتسمون بها حتى الآن

...مثل صقر، نسر، حمامة ،يمامة وغيرها

والثاني

أو أنه طائر صغير

ولكنه يختلف عن بقية الطيور

فهو يمتلك عقل مثل عقل الانسان من حيث الفهم والإدراك والتمييز

وهذه قدرات خارقة وغير مألوفة بالنسبة للطيور من نوعه

لذلك فالعقل والمنطق السليم يفهم إن الهدهد في القصة

هو إنسان اسمه الهدهد

 

محاولة ل Ahmed Hadi Ali

من الآيات البينات نكتشف ان الهدهد ليس هذا الطير الجميل الذي نعرفه

بل هو مسؤول في الاستطلاعات يعمل في دولة سليمان

وكان بمهمة لخدمة الدولة دون علم سليمان لذلك قال لأعذبنه او لأذبحنه

كيف لسليمان هذا النبي الذي يصفه ربنا بأنه أواب وحليم

ان يعذب طائر؟!

نعم كان الهدهد رجل مسؤول عن خلية استطلاعات في دولة سليمان تسمى الطير

لأنهم يمتازون بالسرعة الفائقة وتنفيذ المهمات الاستطلاعية الخاصة التي تمتاز بالسرعة والسرية

وإلا كيف ميز الهدهد قوم سبأ أنهم مخدوعين ويدينون بدين العبادة للشمس؟

ثم إن الهدهد ذهب بمهمة وهي نقل رسالة من سليمان إلى الملكة

﴿إِنَّهُ مِن سُلَيمانَ  وَإِنَّهُ بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾

﴿أَلّا تَعلوا عَلَيَّ وَأتوني مُسلِمينَ﴾

من طريقة الكلام في الآية المباركة نكتشف أنه عاقل ويميز بدقة كل مايرى

بل ونجده يتأسف عليهم ويتكلم بحزن مع سليمان

ثم انه لو كان طير فهو مبرمج ولايجادل كما هو الحال في طائر حمام الزاجل الذي يستخدم في نقل الرسائل

هكذا طائر لايمكن أن يكون كاذب

لأنه يكون مبرمج ومهمته لاتتعدى توصيل رسالة فقط اما انه

يميز فهذا لايصح إلا على البشر

﴿قالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقتَ أَم كُنتَ مِنَ الكاذِبينَ﴾

فكيف يكون كاذب إذا كان طير من ريش؟

 

محاولة ل Reda Iraqi

1-

مجيء كلمة الهدهد معرفة ب(( الألف و اللام )).

حيث لا بد أن نسأل

هل كان سليمان يتحكم في هدهد واحد

بحيث أن ذكره مباشرة ينقلنا للمعهود الذهني ؟

أم أن هناك هداهد كثيرة تحت ملك سليمان؟.

لو قلنا أن سليمان كان يتحكم في طائر واحد لاصطدمنا بنفس الآية

لأنها تتحدث عن الطير .

و الطير تشمل طيورا كثيرة و أصنافا من الطير كثيرة .

لو قلنا العكس أن نبي الله سليمان كان يتحكم في طيور كثيرة و هداهد كثيرة

لثبت أن القرآن الكريم يفتقر إلى الدقة

لأنه كان من الأسلم أن يقول

فتفقد الطير فقال : ما لي لا أرى الهدهد رقم 45512 مثلا؟.

أو الهدهد صاحب الرقبة العريانة؟.

 

2-

أم كان من الغائبين؟.

كلمة الغائبين في الآية دليل قاطع

على كون الهدهد هنا

اسم لرجل من البشر فقط و ليس طائر الهدهد.

لأن الكلمة هنا هي جمع العاقل .

و لو كان المقصود هو طائر الهدهد

لكانت الكلمة تعني جمع غير العاقل

بحيث تصبح قطعا : أم كان من الغائبة؟.

مثل النسور الجارحة, و الضباع القاتلة.

 

04-

لأعذبنه

هل يعقل أن يتوعد نبي الله سليمان كائنا ضعيفا طائرا غير عاقل بالعذاب؟.

فهل سيقول له الناس

ما أروعك يا نبي الله سليمان

حين تعذب الهدهد .

فلا أحد يقدر على عذاب الهداهد غيرك.

 

05-

كثير هم من توهم كون الهدهد هنا هو طائر

لمجرد ورود كلمة (( لأذبحنه)) في كلام سليمان  ..

لكنهم لو رجعوا للقرآن الكريم لعرفوا يقينا

أن الذبح أيضا قد يكون له معنى آخر

 

و هنا يدرك القارئ الواعي

أن وعيد سليمان  لهذا الهدهد

بالعذاب الشديد أو بالذبح

إنما ينم عن عظم جرمه .

و لا أظن أحدا ينسب إلى الطيور جرما تجاه رسالة الأنبياء أصلا

لأنها كائنات غير عاقلة و لا مكلفة .

و لا فائدة و لا عبرة من ذبح سليمان

هدهدا ضعيفا يمكن للأطفال القبض عليه و ذبحه بلا جهد .

 

زيادة على أنّ سليمان نبي و ملك عادل.

فلا يرضى بتوقيع الحكم قبل المحاكمة .

لكن هل من العقل أن ننصب محكمة لمحاكمة أفعال الطيور و الهداهد؟.

و ماذا ننتظر من طيور غير عاقلة

أن تقدم بين أيدي القضاة أدلة و براهين على صدقها و بيان عدم جرمها.

فثبت أن سليمان عليه السلام إنما يتوعد

بشرا عاقلا يمكنه أن يخطئ و يمكن عقابه على جرمه .

 

7-

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فقال

كلمة فقال وحدها كافية لدحض تفسيرات السطحيين

الذين يرون أن هدهد سليمان

إنما هو طائر الهدهد بريشه و جسمه الضعيف.

لأن القول يقتضي البيان .

و الكائن الوحيد الذي علمه الله تعالى البيان هو الإنسان .

لقول الله تعالى

{خَلَقَ الْإِنسَانَ} (3) {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (4)

سورة الرحمن.

و لا شك أن الإنسان علمه الله تعالى البيان

لأنه الكائن العاقل الوحيد

من بين جميع مخلوقات الله تعالى في الأرض.

فثبت جليا أن هدهد سليمان إنما هو كائن حي عاقل .

و قرينة العقل لوحدها كافية لإثبات هذه الحقيقة القرآنية

و كافية لنسف كل التفاسير الخرافية

التي تقوم على هدم سنن الله تعالى في خلقه .

بحيث يصبح الهدهد كائنا علمه الله البيان

, و يتحدث و يقول ...

و يؤدي مهمات يعجز عنها كثير من البشر العقلاء.

 

8

(( أحطت بما لم تحط به)).

هنا تثبت قرينة وجود العقل لهذا الهدهد يقينا .

فهو يعرف أن علم الغيب لا يملكه إلا الله تعالى .

و هو يواجه نبي الله سليمان بهذه الحقيقة القرآنية العظيمة .

و لا نرى غضبا من سليمان من هذا الخطاب

الذي يثير العزة بالإثم لدى كثيرين من المسئولين و الرؤساء .

 

 

10-

(( بنبأ يقين)).

هل للكائنات غير العاقلة

قادرة على التمييز بين خبر يقين و خبر كاذب أو غير يقيني ؟.

إن قلنا نعم.فذاك يعني أنها صارت عاقلة تماما .

أي أنها بشر و ليس حيوانات و طيور.

فهذا الهدهد على ثقة عظيمة بإمكاناته و على يقين بمعلوماته .

و هو يسردها و ينفي تسرب احتمال الخطأ فيها مطلقا .

فهل يكون هذا لطير غير عاقل؟.

 

11-

{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}

(23) سورة النمل.

هنا ندخل في البراهين التي لا يماري فيها عاقل قط .

فلا يعقل أبدا أن يصبح هدهد طائر غير عاقل

على كل هذه الثقة و الدراية في مهمته .

و الإلمام التام بدقائق امورها .

فها هو يعلن أنه وجد قوم سبأ تملكهم ملكة.

ألا يرى أصحابنا أن الهدهد قد أحاط بنظام الحكم عند هؤلاء القوم؟.

و قد ميزه على بقية أنظمة الحكم و وصفه بكونه نظاما ملكيا .

ألا يعني ذلك أن هذا الهدهد إنما هو رجل حكيم عليم

يميز بين دقائق الأمور التي تعرض عليه؟.

و ألا يعني هذا الحكم أنه نتج عن مكث طويل بين القوم

و دراسة تحليلية عميقة لنظام الحكم عند قوم سبأ ؟.

أم أننا ينبغي أن نستسلم لتفاسير السطحية

التي تسيء للقرآن الكريم بأن تصوره على أنه كتاب حكايات الحيوان و الطيور؟.

 

12-

((وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ)).

كيف لطائر غير عاقل أن يقيم ما أوتيت هذه الملكة ؟.

ألا يستدعي الأمر أن نطيل التوقف امام هذا الدليل العظيم؟.

لا يمكن حتى للبشر العقلاء

أن يصدروا أحكاما صحيحة حتى في أبسط المسائل التي يعيشونها يوميا .

فكيف بطائر غير عاقل أن يصدر حكما دقيقا صحيحا

في حق ملكة هو غريب عن ديارها أولا .

و كيف كان له أن يميز أنها أوتيت من كل شيء أم أنه ينقصها شيء كثير؟.

 

13-

((وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)).

نفس التساؤلات السابقة , نطرحها هنا .

لكن يمكن أن نضيف ما هو أعمق .

لأننا لو تصورنا أن حكم هذا الهدهد كان يشمل العرش

ككرسي الملكة

لكان الأمر أهون

مع استحالة مطلقة أن يقوم بهذا التقييم طائر غير عاقل.

لكن ماذا لو صار المقصود بالعرش هنا

هو الحكم نفسه؟.

ألا نصبح هنا أمام خبير عليم حكيم

بأمور السياسة و الحكم؟.

و هل يكون هذا لطائر غير عاقل ؟.

 

14-

{وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ

وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ

فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} (24)

سورة النمل.

الحقيقة أن البرهان الرابع عشر

يشمل هذه الكلمات و تلك التي في الآية السابقة

و في الآيات التي سوف تليها .

باعتبارها كلاما منسوبا للهدهد نفسه .

و عليه يا أصحاب العقول الرشيدة

أيمكن لكائن غير عاقل أن يقول كلاما معجزا كهذا؟.

لو جمعنا خيرة علماء اللغة العربية

لما استطاعوا أن يقدموا عبارات كالتي قدمها الهدهد في وصف ملك سبأ .

و هي عبارات تبدأ من

(( إني وجدت امرأة تملكهم......رب العرش العظيم)).

حيث اختتم الهدهد كلامه بالحديث عن التوحيد الخالص لله تعالى

مستنكرا سجود قوم سبأ لغير الله تعالى .

و كان في هذه الآيات قرينة قاطعة

في كون الهدهد هنا رجل من خاصة جند سليمان و من خاصة علمائه.

لأن قرينة العقل لدى الهدهد

هنا أعظم من أن تقبل تبريرا مهما أحكم أصحابه نسجه.

 

15-

((وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ)).

لا شك أن حكم الهدهد هنا

كان على دراية تامة بنية قوم سبأ .

إذ أنه حكم على كفرهم يقينا بدليل قاطع تام .

عكس ما يفعله شيوخ المسلمين اليوم

الذين لا يتورعون على تكفير مخالفيهم

رغم نطقهم بالشهادتين و رغم اتفاقهم في أركان الإيمان و أركان الإسلام .

و لكل من توهم أن الهدهد مر في السماء على قوم سبأ , فحكم عليهم أن يسجدون للشمس

أقول

لو أنك يا صاحب هذا الطرح أنت الرجل العاقل

و البشر المميز المكلف

لو أنك مررت على قوم في الطائرة و لم تنزل إليهم .

و رأيتهم في وضعية السجود.

فهل ستحكم أنهم يسجدون للشمس

أم أنهم يقومون بتمارين رياضية؟.

هنا يدرك القارئ العاقل أن أصحاب التفاسير السطحية

إنما يتعمدون الإساءة للقرآن الكريم بتفاسيرهم الواهية .

 

حكم الهدهد على كفر قوم سبأ

كان مبنيا على اطلاعه اليقيني على نوايا حركاتهم .

و لم يحكم لمجرد رؤية تلك الحركة .

مما يثبت يقينا أنه مكث عندهم زمنا طويلا

يدرس جميع نواحي الحياة اليومية لقوم سبأ .

فعرف ان نظام الحكم ملكي.

و أم من يحكمهم امرأة و ليست رجلا.

و لا أظن أن الطيور يمكنها التفريق بين الرجل و المرأة.

و عرف أنهم وثنيون يتخذون الشمس إله من دون الله تعالى .

فهل سيقبل هؤلاء القوم

أن هدهد سليمان إنما هو رجل عليم حكيم

من خاصة جند سليمان عليه السلام؟.

أم أنهم سيؤثرن التصلب على الباطل و ترك الحق رغم نصاعة بيانه؟.

 

16-

إن قراءة الكلمات التي لخص بها هذا الهدهد العاقل الحكيم

حال قوم سبأ بدقة فائقة

لهو البرهان القاطع على كونه

رجلا عالما حكيما من خاصة جند سليمان عليه السلام .

ذلك أنها عبارات لا يمكن لجهابذة اللغة العربية أن يكتبوا مثلها أبدا.

و لاجتمعوا لهذا الغرض.

لأنها عبارات وجيزة جدا

لكنها تحمل ما يمكن أن يكون كتيبا كاملا عن وصف حال قوم سبأ بهذا الشكل المعجز.

بحيث وضح الهدهد من خلال عباراته القليلة

حال القوم السياسي

بحيث بين أنهم يعيشون في ظل نظام حكم ملكي.

و أن الذي يحكمهم إنما هو ملكة امرأة .

و أنها أوتيت من كل شيء

و لعل أعظم ما لاحظه الهدهد هو حكمة هذه المرأة

التي ستتجلى من خلال بقية القصة القرآنية العظيمة.

و من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .

كما وصف الهدهد عرش الملكة بكونه عرشا عظيما.

و لا شك أن الكلمة –عرش- تسمح للمتدبر أن يحملها على معان كثيرة و متعددة .

منها أن تكون تعني حاشية الملكة نفسها أو نظام حكمها كلها , بأنه عظيم .

مما يوحي بقوة هذه المملكة العظيمة من كل النواحي.

و سنشهد بعد قليل ما يثبت صحة هذا الوجه من المعاني .

ذلك أن الملكة بحكمتها لم تنفرد بقرار خطير

كدخول حرب مع جيش قوي يرأسه رجل واثق من نفسه

و أنه يدعي أنه يتكلم باسم الله الخالق القهار.

ثم يختم الهدهد بكلمات بليغة منقطعة النظير

حول توحيد الله تعالى و أنه هو سبيل الهداية وحده .

و لنقرأ كل الآيات مع بعضها مرات و مرات

لعل القائلين بكون الهدهد طائرا

يستيقظون من سباتهم العميق

و يعرفون قيمة كتاب الله المجيد .

(({فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} (22) سورة النمل{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (23) سورة النمل{وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} (24) سورة النمل)) {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} (25) سورة النمل{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ*}

(26) سورة النمل.

 

17-

{قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}

(27) سورة النمل.

هذه الآية الكريمة على قلة كلماتها تحمل أدلة و براهين متعددة

تثبت يقينا أن هدهد سليمان إنما هو رجل عاقل عالم حكيم من خاصة جند سليمان

و لا تدع مجالا لتبرير التفسير السطحي الخرافي

الذي يقبل أن تتفوق الطيور على البشر في المجال العقلي العلمي .

(( قال سننظر أصدقت )).

هل من رفيع مقام أنبياء الله تعالى

أن يعقدوا محاكمات للطيور و الحشرات و السباع؟.

ألا يعتبر هذا عبث لا يقبله عقل و لا منطق

فكيف يصح نسبه لله تعالى

باعتبار أن القوم يريدون منا أن نصدقوا

أن هدهد سليمان إنما هو ذاك الطائر غير العاقل الضعيف .

 

18-

{اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ

ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}

(28) سورة النمل.

لا شك أن خطاب سليمان  هنا

إنما هو خطاب لرجل عاقل .

جعله سليمان أول مرة عينا له على مملكة سبأ .

و أثبت جدارته , و ها هو نبي الله سليمان الآن يجعله سفيرا

رسولا إلى مملكة سبأ .

و بعد أن أراد سليمان مراسلة قوم سبأ

و بعد أن كتب كتابه أو أمره بكتابته .

و لا شك أن عبارات هذا الكتاب

إنما كانت على الأقل من إملاء نبي الله نفسه .

لأن عباراته ستتضح لاحقا في سياق القصة القرآنية .

و ها هو يخاطب الهدهد هذا السفير الحكيم

و قائلا: اذهب بكتابي هذا .

 لو كانت مملكة سليمان

تتكون من الأشباح أولي السرعة الفائقة الرهيبة

أو من جميع الطيور و الحيوانات

لفضل سليمان  أن يرسل عفريتا من الجن الأشباح .

أو على الأقل أن ينتدب لهذه المهمة الصعبة نسرا كبيرا قويا

لا يمكن أن يكون عرضة للهلاك في رحلته الطويلة .

لقد توهم المفسرون الأوائل

أن نبي الله سليمان أمر الهدهد أن يلقي من السماء

إلى قوم سبأ هذا الكتاب

دون أن يحضر بينهم و يخاطبهم و يحل ضيفا عليهم .

و تناسى هؤلاء المفسرون أن الطيور غير عاقلة

فلا تدري عمن تلقي رسائل أصحابها .

و لا يعني كلام سليمان

إلا أنه أمر هذا الرجل أن يكتفي بتبليغ الكتاب فقط .

أي بإلقائه عليهم فقط .

و أن مضمون الكتاب سيغنيه عن شرح القضية كلها .

ثم تول عنهم.

أي لن يكون من مهمتك أن تبدي رأيا في القضية أصلا .

و إنما بمجرد أن تلقي إليهم الكتاب

عليك أن تنصرف لشئونك .

و تنتظر ردهم بشأن الكتاب .

 

19-

((فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)).

هذا برهان في غاية القوة و الحجية .

و هو بمثابة برهان ثبوت قرينة العقل لدى الهدهد .

حيث رأينا أن الكائن العاقل الوحيد في الأرض هو الإنسان .

و هنا في هذا البرهان نرى جليا أن نبي الله سليمان

قد جعل من الهدهد حكما على رد مملكة سبأ.

فانظر ماذا يرجعون .

و ليس من سنن الله تعالى التي لا تبديل لها و لا تحويلا

أن تصبح الطيور و الحيوانات قضاة على الناس.