آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

التّنوير

مقال مُقتبس من الندوة الثلاثية الّتي جمعت المفكّرين

أحمد عصيد - محمود المسيّح - رشيد أيلال

 

مقدّمة

1- تعريف التنوير

2- أدوات التنوير

3- أهداف التّنوير

4- خصائص التنوير (أحمد عصيد)

A- الإنسية - l'humanisme

B- الغيرة الوطنية

C- العقلانية

D- النزعة النقدية في الفكر

E- الشجاعة و الجرأة في تفكيك الطابوهات و المحرمات

F- الصبر على الأذى و الإساءة

5- تعريف المقدّس

6- أسباب ظهورها

7- هل يمثّل  التنوير مسّا بالمقدّس؟

متى يحدث التصادم بين التنوير و المقدّس؟

8- التعامل مع المقدّس

9- رؤية شخصية حول موضوع التنوير بالدّول الإسلامية

خاتمة

 

مقدّمة

ولا بُدَّ مع ذلك أن يسمع الإنسان أقاويل المختلفين

في كلِّ شيء يفحص عنه

إن كان يجب أن يكون من أهل الحق

ابن رشد

تهافت التهافت ص: 93

 

يقدم سبينوزا في "رسالة في إصلاح العقل"

ثلاث قواعد لسلوك المثقف التنويري:

أولا

يكون كلامه في مستوى عموم الناس.

ثانيا 

يتمتع بملذات الحياة

في حدود تحفظ صحته الجسدية والنفسية.

ثالثا

لا يرغب في المال إلّا بقدر ما يحتاجه لحفظ حياته وصحته.

 

اكبر انجاز حققه العرب في التاريخ

هو تمكنهم من

فرملة العقل عن اداء دوره في التعمير وتحويله الى اداة للتدمير.

 تحويل العقل من اداة للتنوير الى اداة للتخدير

تحويل العقل من اداة للتفسير الى اداة للتبرير

تحويل العقل من اداة للتفكير الى اداة للتكفير

تحويل العقل من اداة للتيسير الى اداة للتعسير.

محمد البوادي

 

لقد وهبنا الله العقل

هذا الكنز الثمين الّذي مكّننا من الوصول إلى الحرّية و التقدّم في جميع المجالات

و حثّنا كثيرا على إستعماله كي نرى و نلاحظ آياته في كلّ مكان

و لا نقع في فخّ النّصابين و المحتالين

المتحكّمين في عقول البشر لمصلحتهم الشّخصية 

 

أَطفِئْ مصباح عقلك

واتبع ما يفتي به شيوخ الطائفة 
كأن الله كرمك بالعقل عبثا

 

1- تعريف التنوير

التّنوير هو الدّعوة إلى تشغيل العقل و المنطق و العلم

بالأدلة الدامغة والحجة السليمة

و الإبتعاد عن الخرافة و الأسطورة

دفع الناس إلى إستعمال عقولهم بطريقة منظّمة

لكي يهدوا بها إلى التمييز بين الحقّ و الباطل

فيما هو منسجم مع منطق الفكر و الواقع و التاريخ و مع العلم

 

2- أدوات التنوير

يعتمد على العقل في الأساس

و المنطق و الأدوات العلمية و البحث و الإجتهاد 

 

3- أهداف التّنوير

1-

تشجيع الناس

على إستخدام العقل بدل العاطفة

 

 

2-

محاربة

العنف الناتج عن العاطفة في التفكير

و تعويضه بالعقل و الحكمة

 الذان يضمنان السلم و السلام

 

3-

إزالة الفكر الثقافي المقدّس من الطّريق

عندما يكون عائقا للتقدّم 

و إخراج الشّعوب من الجهل و التّبعية و التّخلّف و الفقر و الفساد

- كما حصل في نهاية عصور الظّلام في أوروبا 

- و حصل في القارة الأسيوية

- و يحصل الآن في دول شمال إفريقيا و الشرق الأوسط 

لا يمكن لبلد ما أن يتقدّم و أن ينهظ و أن يخرج من التخلّف

إذا كانت الثقافة السائدة فيه

ثقافة تمنع من التساؤل و إستخدام العقل و تتعارض مع العلم و مع حقوق الإنسان

- تنبيه العقول - يوقظها من غفلتها و يجعلها تُفكّر بشكل سليم  

إشعال شمعة وسط ظلمات الجهل 

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ

ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)

صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) 

(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 17 - 18)  

 

4-

مواجهة ثم هدم قيم الأستبداد في نفوس الناس 

إستبداد ثقافي و اجتماعي و نفسي.

 

4- خصائص التنوير

A- الإنسية - l'humanisme

الرفع من قيمة الإنسان 

وجعله هو المركز و الغاي

تهدف النزعة الإنسية

إلى الكرامة و إلى الإنتصار للحريات و المساواة في المواطنة

 

الدين و المعتقد وسائل تسمح

بحفظ الكرامة الإنسانية أو هدمها

 

B- الغيرة الوطنية

- الشعور بالإنتماء إلى الوطن 

و الغيرة على وضعيته

- الشعور بالتخلف و الإنحطاط

شعور مأساوي عند المثقف التنويري

يجعله مهموما بأوضاع مجتمعه

- التيارات (الدينية) تحتقر الوطن

لأنها تريد الخلافة و الأمّة الإسلامية

 

C- العقلانية

إعطاء الأولوية لدور العقل المستقلّ

في التفكير و البحث و الإكتشاف

بدل العاطفة

 

D- النزعة النقدية في الفكر

المثقف التنويري ناقد لأوضاع و أفكار التخلف

فيتصادم مع حراس المعبد القديم و مع السلطة

و يتصادم مع كل من يحاول إخفاء الحقائق

و كل من يحاول تبرير واقع التخلف

 

E- الشجاعة و الجرأة في تفكيك الطابوهات و المحرمات

كتاب الثالوث المحرم لبوعلي ياسين

(دراسات في الجنس و الصراع الطبقي) (دار الطليعة بيروت)

إتسم الكاتب بوعلي ياسين بالشجاعة

في معاجة طرحه المتعلّق بثلاث تابوهات محرمة

السياسة - الدين - و الجنس

خاض فيها و لعب دورا تنويريا بكل شجاعة

على الرغم من صعوبة التطرّق لتلك المواضيع

 

F- الصبر على الأذى و الإساءة

المثقف التنويري مثل المصلح الإجتماعي

يواجه بالعنف و الإساءة

لكنه يصبر  ويتحمل من أجل أهدافهم النبيلة

ضدّ الجاهلين و أصحاب المصالح المناوئين لتغيير الأوضاع

للحفاظ على مصالحهم ونفوذهم في المجتمع

إما في السياسة أو الثقافة أو الفكر

يحرسون المعبد القديم و لا يسمحون بتسريب محتوياته المتناقضة

يهاجمون بقساوة و يشتمون ويسبون

و يختلقون الأكاذيب و المؤامرات الوهمية و يلجؤون إلى الإشاعات

بأنهم ضعفاء و لا يستطيعون مواجهة الفكر و المنطق

مسار التنوير مسار نبيل

يمتص العنف و المحاربة 

بتفكيك المغالطات و بالمزيد من النقد و من الأفكار و الحجج الدامغة 

 

5- تعريف المقدّس

المقدّسات هي رموز دينية يُوقّرها الناس يعتبرونها شيئا ممجّدا و مُبجّلا و من أعلى علّيين

تُعبد لأنّ لها علاقة وطيدة بمعتقداتهم الدّينية و طقوسهم و بالخرافة و الاسطورة 

كالأضرحة و المزارات و المعابد

 

6- أسباب ظهورها

ظهرت كنتيجة لكسل الناس و حُبّهم للأشياء الجاهزة

زيادة على خوفهم من العذاب و من الله إذا طرحوا تساؤلا ما

بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ

أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً

(سورة : 74 - سورة المدثر, اية : 52)

 

7- هل يمثّل  التنوير مسّا بالمقدّس؟

متى يحدث التصادم بين التنوير و المقدّس؟

يمثّل التنوير مسّا بالمقدّس

عندما يلتقيان في حلبة السياسة 

عندما يُقحم المُقدّس في المجال السياسي

فلا يبقى مُقدّسا دينيا عقائديّا شخصيّا

بل يُصبح مقدّسا سياسيا

يُفرض على الناس و يُعاقبون بموجبه إذا إنتقدوه.

السياسة قائمة على التوافقات و على الصراع و على التصادم

بعض الخصومات السياسية قائمة على الحيلة أو الماكيافيلية و أمور غير أخلاقية

في الدّول الّتي تستعمل الدّين كورقة سياسية

إمّا من طرف الحكّام أو من طرف التيّارات الدّينية 

==> سيُعاقب الناس بسبب إنتقادهم للمقدّسات الدّينية

و ليس إنتقادهم للقوانين السياسية 

بينما المطلوب أن تُسحب المقدّسات الدّينية من المجال السياسي

لكي لا تُنتقد و لا يتمّ الهجوم عليها

 

عندما تفرض المجموعة أفكارها المقدّسة بالقوّة يحصل صدام

1- مع التنويريين في الدّول الّتي تطمح للخروج من التخلّف 

2- و مع العلمانية في الدّول المتقدّمة

 

الدولة تملك سلطة الإكراه

والدين لا يملك هذه السلطة

لكن عندما نقحم الدين في السياسة

يصبح الدين مالكا لسلطة الإكراه التي نفاها القرآن عنه

والتي هي من مقتضيات السياسة والقضاء (الدولة).

 

8- التعامل مع المقدّس

يجب أن يُحترم التّقديس

ما لم يُستعمل في المجال السياسي

و لم يُفرض قوّة على الناس

كما يفعل اليهود بمقدّساتهم

الّتي لا يفرضونها على الدّول الّتي يعيشون بها

لا توجد مقدّسات في السياسة 

 

مقال مُقتبس من الندوة الثلاثية الّتي جمعت المفكّرين

أحمد عصيد - محمود المسيّح - رشيد أيلال

 

9- رؤية شخصية حول موضوع التنوير بالدّول الإسلامية

مع كامل الأسف

يهتمّ أغلب الناس 

بمظهر الفكرة أكثر من مضمون الفكرة !!!

أحسن حلّ بالنسبة للمغرب و الدّول الإسلامية

هو عدم السباحة ضدّ التيار

و هذا يعني

التنوير

داخل المنظومة الدّينية (مهمّة صعبة جدّا)

و ليس خارجها (مهمّة مستحيلة)

دعوة الناس للتخلّص من التبعية

و الإبتعاد عن الخرافة و الأسطورة و التقديس

عن طريق تشغيل العقل و المنطق

و الإعتماد على العلوم الحقيقية حصريا!!!!

 

لن ينقذنا من هذا المستنقع إلا

فنّ التنوير الّذي يحتاج إلى

تجربة - موهبة - إرادة

و مساندة أيضا

بنفضيل فيصل

 

خاتمة

ينجح التنوير عندما يكون هناك مسلسل للدّمقرطة

الّذي يعرقل التّنوير هو الإستبداد

هناك من يعيش بالمقدّسات

جهات تقتات و تتغدّى على الجهل و تتحالف مع السلطات لقمع التنوير

تُخضع الناس لأهداف غير شريفة و غير نبيلة بإستغلال المقدّس

ولهذا السبب ليس من صالحها زوال الجهل بفضل التنوير

نقد المقدّس يصبح أمرا ضروريا لتحرير العقول و الناس من الأغلال