إبن النفيس
حكم إبن النفيس
وربما أوجب استقصاؤنا النظر عدولاً عن المشهور والمتعارف ، فمن قرع سمعَه خلافُ ما عهده ، فلا يبادرنا بالإنكار ، فذلك طيش ، فرُبَّ شنعٍ حقٍ ومألوفٍ محمودٍ كاذب ، والحق حقٌ في نفسه ، لا لقول الناس له ، ولنذكر دومًا قولهم: إذا تساوت الأذهان والهمم
فمتأخرُ كل صنعةٍ خيرٌ من متقدمها"
َو أَمَّا الأَخبارُ التى بأيدينا الآن، فإنما نتَّبعُ فيها غالبَ الظنَّ، لا العِلْم المحقَّق
وأما نصرة الحق واعلاء مناره و خذلان الباطل وطمس اثاره فأمر قد التزمناه في كل فن.
كثرة الأكل والنوم يفسدان النفس ويجلبان المضرة.
والعين للبدن كالطليعة والحارس، فإن الحس اللمسي غنما يدرك الواردات بعد وصولها، والعين تدرك جميع المكونات وإن بعدت جدا كالكواكب
إبن النفيس
هو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرشي الدمشقي الملقب بابن النفيس ويعرف أحياناً بالقَرَشي بفتح القاف والراء نسبة إلى قبيلة قريش العربية (607هـ/1213م، دمشق - 687هـ/1288 م) هو عالم موسوعي وطبيب مسلم، له إسهامات كثيرة في الطب، ويعتبر مكتشف الدورة الدموية الصغرى، وأحد رواد علم وظائف الأعضاء في الإنسان، حيث وضع نظريات يعتمد عليها العلماء إلى الآن
نشأته وتعليمه
ولد بدمشق فيما يُعرف الآن بسوريا عام 607هـ على وجه التقريب، ونشأ وتعلم بها في مجالس علمائها ومدارسها. قيل إن لقبه القَرشي نسبة إلى القرش، حيث ذكر ابن أبي أصيبعة أنها قرية قرب مدينة دمشق، وتذكر دائرة المعارف الإسلامية أنه ولد على مشارف غوطة دمشق، وأصله من بلدة قُريشية قرب دمشق. والراجح أنه من قبيلة قريش من بني مخزوم من الخوالد ، وورد لقبه في أول طبعة لكتابه "الموجز": القرشي (بفتح القاف والراء: Karashite). تعلم في البيمارستان النوري بدمشق، كما كان ابن النفيس معاصرًا لمؤرخ الطب الشهير ابن أبي أصيبعة، صاحب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء)، ودرس معه الطب على ابن الدخوار.
وقد درس ابن النفيس أيضًا الفقه الشافعي، كما كتب العديد من الأعمال في الفلسفة، وكان مهتما بالتفسير العقلاني للوحي. وخلافًا لبعض معاصريه والسلف، اعتمد ابن النفيس على العقل في تفسير نصوص القرآن والحديث. كما درس اللغة والمنطق والأدب.
هناك اختلاف حول تاريخ انتقاله إلى القاهرة، إلا أنه يمكن تقدير ذلك في الفترة بين عامي 633 هـ (1236م) و636 هـ (1239م) وعند انتقال ابن النفيس للقاهرة عمل في المستشفى الناصري، وبعد ذلك في مستشفى المنصوري الذي أنشأه السلطان قلاوون، حيث أصبح "رئيسًا للأطباء". كما أصبح طبيبًا خاصًا للسلطان الظاهر بيبرس بين عامي 1260 و1277.
كان لابن النفيس مجلس في داره يحضره أمراء القاهرة ووجهاؤها وأطباؤها، كما كان ابن النفيس أعزب فأغدق على بناء داره في القاهرة، وفرش أرضها بالرخام حتى إيوانها. أما عن وصفه، فقد كان نحيفًا طويل القامة أسيل الخدين، ولم تقتصر شهرته على الطب فقط، بل كان يعد من كبار علماء عصره في اللغة والفلسفة والفقه والحديث.
اكتشافه للدورة الدموية الصغرى
يعتبر اكتشافه للدورة الدموية الصغرى أحد أهم إنجازاته، حيث قال:
” إن الدم ينقى في الرئتين من أجل استمرار الحياة وإكساب الجسم القدرة على العمل، حيث يخرج الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين، حيث يمتزج بالهواء، ثم إلى البطين الأيسر. “
كان الرأي السائد في ذلك الوقت، أن الدم يتولد في الكبد ومنه ينتقل إلى البطين الأيمن بالقلب، ثم يسري بعد ذلك في العروق إلى مختلف أعضاء الجسم.
ظل اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية الصغرى (الرئوية) مجهولاً للمعاصرين حتى عثر محيي الدين التطاوي عام 1924، أثناء دراسته لتاريخ الطب العربي على مخطوط في مكتبة برلين رقمه 62243 بعنوان "شرح تشريح القانون"، فعني بدراسته وأعد حوله رسالة للدكتوراه من جامعة فرايبورغ بألمانيا موضوعها "الدورة الدموية عند القرشي". ولجهل أساتذته بالعربية، أرسلوا نسخة من الرسالة للمستشرق الألماني مايرهوف (المقيم بالقاهرة وقتها)، فأيد مايرهوف التطاوي. وأبلغ الخبر إلى المؤرخ جورج سارتون الذي نشره في آخر جزء من كتابه "مقدمة إلى تاريخ العلوم".
مؤلفاته
في الطب
لابن النفيس العديد من المؤلفات في الطب، أهمها:
الشامل في الصناعة الطبية
أضخم موسوعة طبية كتبها شخص واحد في التاريخ الإنساني، وقد وضع مسودتها بحيث تقع في ثلاثمائة مجلد بيّض منها ثمانين. وتمثل هذه الموسوعة الصياغة النهائية والمكتملة للطب والصيدلة في الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى.
شرح تشريح القانون
جمع فيه أجزاء التشريح المتفرقة في كتاب القانون لابن سينا وشرحها، وفيه وصف الدورة الدموية الصغرى وهو الذي بيّن أن ابن النفيس قد سبق علماء الطب إلى معرفة هذا الموضوع من الفيزيولوجيا.
شرح فصول أبقراط
موجود في مكتبات برلين وجوتا واكسفورد وباريس ومكتبة الإسكوريال، وتوجد نسخة في آيا صوفيا بتاريخ 678هـ، وقد طبع في إيران سنة 1298هـ.
المهذب في الكحل
مكتبة الفاتيكان، وهو كتاب موسوعي في الطب يشبه كتاب (الحاوي) لأبي بكر الرازي.
كتاب موجز القانون أو الموجز في الطب
تناول كل أجزاء القانون فيما عدا التشريح ووظائف الأعضاء.
المختار في الأغذية
لم يذكر في أي ترجمة من تراجمه، ولكنه موجود في مكتبة برلين.
شرح تشريح جالنيوس
(آيا صوفيا) إلا أن نسبته لابن النفيس ليست أكيدة.
إضافة إلى العديد من المؤلفات الطبية الأخرى مثل:
«بغية الطالبين وحجة المتطببين»
و«بغية الفطن من علم البدن».
«الرماد»
و«شرح كتاب الأوبئة لأبقراط».
«شرح مسائل حنين بن اسحاق»
و«شرح مفردات القانون».
«تفسير العلل وأسباب الأمراض».
«شرح الهداية في الطب».
مؤلفات غير طبية
كما أن له مؤلفات في اللغة والدين والفلسفة والمنطق مثل:
في اللغة
«طريق الفصاحة» (نحو).
في الفقه
«شرح كتاب التنبيه» لأبي اسحق إبراهيم الشيرازي (فقه شافعي).
في المنطق
«شرح الإشارات» لابن سينا (المنطق).
«شرح الهداية لابن سينا» (المنطق).
في السيرة النبوية
«الرسالة الكاملية» (سيرة نبوية).
في علم الحديث الشريف
«مختصر في علم أصول الحديث» (حديث).
في المنطق والطبيعة والفلك والحساب والعلوم الإلهية
«شرح كتاب الشفاء لابن سينا» وهو كتاب شمل المنطق والطبيعة والفلك والحساب والعلوم الإلهية.
علم الكلام
«فاضل بن ناطق» وهو كتاب صغير عارض فيه رسالة حي بن يقظان (علم الكلام).
وفاته
جامع ابن النفيس وضريحه بمدينة الرحمانية.
بقيَ ابنُ النفيس حتى وفاته في القاهرة، وعندما بلغ الثمانين من العمر مرض ستة أيام مرضاً شديداً وحاول الأطباء أن يعالجوه بالخمر وهو يقاسى عذاب المرض قائلاً: «لا ألقى الله وفي جوفي شيءٌ من الخمر.» ولم يطل به المرض فقد توفيَ في فجر يوم الجمعة الموافق (21 ذي القعدة 687 هـ / 17 ديسمبر 1288م)، وقد أوقف داره وكتبه وكل ما له على المستشفى المنصوري في القاهرة قائلاً: «إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي».
ويوجد مسجد في مدينة الرحمانية بمحافظة البحيرة ضريح ينسب إليه،.
المراجع
شرح تشريح قانون ابن سينا، إبن النفيس
محمد ظافر الوفائي، المهذب في الكحل المجرب
محيي الدين التطاوي "شرح تشريح القانون"
جورج سارتون "مقدمة إلى تاريخ العلوم