آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

غاندي

أشهر أقوال موهانداس كرمشاند غاندي

الإيمان ليس شيئا ًللفهم، إنه حالة لتنمو فيها.

 حتى وإن كنتم أقلّية تبقى الحقيقة حقيقة.

يكمن المجد في محاولة الشخص الوصول إلى هدف وليس عند الوصول إليه.

هل هناك حاجز لا يمكن للحبّ أن يكسره؟

أكره الخطيئة، وأحب الخاطىء.

الأرض توفر ما يكفي لتلبية احتياجات كل إنسان، ولكن ليس جشع كل رجل.

 لا يمكن لحضارة العيش إذا كانت تحاول أن تكون حصرية.

يمكنك أن تقيدني، يمكنك أن تعذبني، يمكنك حتى أن تقوم بتدمير هذا الجسد، ولكنك لن تنجح أبداً في إحتجاز ذهني.

عِِش كما لو كنت ستموت غداً، وتعلم كما لو كنت سعيش للأبد.

 لا أعرف خطيئة أعظم من إضطهاد بريء باسم الله.

الرجل ما هو إلّا نتاج أفكاره، بما يفكر يصبح عليه.

أنا مستعد لان أموت، ولكن ليس هنالك أي داعي لأكون مستعداً للقتل.

لا يصبح الخطأ على وجه حق بسبب تضاعف الانتشار، و لا تصبح الحقيقة خطأ لأن لا أحد يراها.

أنا أنظر فقط إلى المزايا الحسنة في الناس، ولأني لا أخلو من العيوب لا يفترض أن أتكلم عن أخطاء الآخرين.

السعادة هي عندما يتوافق فكرك وقولك وفعلك.

الحرية غير ذات قيمة إذا لم تشمل حرية ارتكاب الأخطاء.

 في مسائل الضمير، لا مكان لقانون الأغلبية.

الفقر هو أسوأ أشكال العنف.

يجب أن يعيش الأغنياء ببساطة أكثر حتى يستطيع الفقراء أن يعيشوا.

 يمكنك قتل الثوار لكن لا يمكنك قتل الثورة.

ربما يعذبون جسدي ويحطمون عظامي، ولكن سيكون لديهم جسدي الميت لا طاعتي وخنوعي.

يجب أن تكون أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم.

القوة لا تأتي من مقدرة جسمانية، بل تأتي بها إرادة لا تقهر.

 لو لم يكن لدي أي حس فكاهة، لكنت قد انتحرت منذ فترة طويلة.

 العناية الإلهية لديها ساعة مضبوطة لكل شيء، لا يمكننا قيادة النتائج، يمكننا فقط السعي جاهدين.

ليس هنالك طريق للسلام، بل أن السلام هو الطريق.

الطريقة الأفضل لتجد نفسك هي أن تضيع في خدمة الآخرين.

إن النصر الناتج عن العنف هو مساوي للهزيمة، إذ أنه سريع الإنقضاء.

الجبان غير قادر على إظهار الحب، فهذا من امتياز الشجاع.

الحقيقة هي الحقيقة وإن كان الجميع ضد واحد.

رماني الناس بالحجارة، فجمعتها وبنيت بيتاً.

أوقية من الخبرة تساوي أكثر من طن من الوعظ.

هناك كفاية في العالم لحاجة الإنسان ولكن ليس لجشعه.

أحياناً يختبر الله الذين يريد أن يباركهم إلى أقصى درجة.

 لا يمكن للرجل أبداً أن يكون على قدم المساواة مع المرأة في الروح المتفانية التي وهبتها لها الطبيعة.

إنّنا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا، ولكن بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل.

 في الصلاة، من الأفضل أن يكون لديك قلب بلا كلمات عوضاً عن كلمات بلا قلب.

دائماً ما يكون وراء الغضب حجة، لكنها نادراً ما تكون سليمة.

لا تأتي قوة من القدرات الجسدية، إنّما من العزيمة التي لا تقهر.

 سيبقى ما فعلته لا ما قلته أو ما كتبته.

لا يمكن للضعيف أن يغفر، الغفران هو سمة الأقوياء.

لكي تكون وحدة الشعب حقيقية، يجب عليها أن تصمد أمام أقصى أنواع الضغط دون أن تنكسر.

لا يمكن لهم سلب احترامنا للذات، إذا لم نعطهم إياها.

الصلاة هي مفتاح الصباح وترباس المساء.

 الدين الذي لا يراعي الشؤون العملية ولا يساعد على حلها، ليس ديناً.

تحيا الأخطاء عارية من أي حصانة، حتى لو غطتها كل نصوص الكون المقدسة.

لا أحب كلمة التسامح ولكن لا أجد كلمة أفضل منها.

الغضب والتعصب هم أعداء الفهم الصحيح.

حياتي هي رسالتي.

في إعتقادي الراسخ أنّ قوة الروح تنمو بتناسب مع إخضاعك للجسد.

 ليس عندي ما أُعلمه للعالم، فالحقيقة واللاعنف موجودان منذ بداية الزمن.

 يصبح الإنسان عظيماً تماماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الإنسان.

 ما أفضل أن يخرس المرء عن ذكر الحقيقة، إن لم ينطقها بلطف.

الإختلاف في الرأي ينبغي ألّا يؤدّي إلى العداء، وإلّا لكنت أنا وزوجتي من ألدّ الأعداء.

النصر الذي حققه العنف هو بمثابة هزيمة، لأنه مؤقت.

ليس كل سقوط نهاية، فسقوط المطر أجمل بداية.

 ليس من الحكمة أن يكون الإنسان متأكد من حكمته، أنه أمر صحي أن يتم تذكيره بأنّ الأقوى يمكن أن يضعف، والأكثر حكمة يمكن أن يخطئ.

 الغاية هي الشجرة، والوسيلة هي البذرة، إنّ الغاية موجودةٌ في الوسيلة كما أنّ الشجرة موجودةٌ في البذرة.

أولاً يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يقاتلونك، وبعد ذلك تفوز.

ساعة الغضب ليس لها عقارب.

ليس هناك ما يتعب الجسد مثل القلق، المرء الذي لديه أي قدر من الإيمان بالله يجب أن يشعر بالخجل للقلق بشأن أي شيء على الإطلاق.

أنظر فقط إلى الصفات الحسنة للناس، وكَوني لستُ خاليا من العيب، فلا يفترض أن أسب عيوب الآخرين.

 لا يمكن تصنيع العاطفة أو تنظيمها حسب القانون.

إنّ الغضب وقلة الاحتمال هما أعداء الفهم الصائب.

هناك محكمة عليا أعلى من محاكم العدل والتي هي محكمة الضمير، إنّها تعلو بكثير كل المحاكم الأخرى.

في النهاية دين الإنسان هي مسألة بينه وبين خالقه ولا أحد آخر.

دع أول شيء تقوم به كل صباح هو أن تعزم لذلك اليوم على أن لن أخشى أحداً على هذه الأرض، وأن لن أخشى أحداً إلا الله، وأن لن أحمل ضغينة على أحد، وأن لن أخضع لظلم أي كان، وأن أقهر الخرافة بالحقيقة وفي مقاومتي للخرافة سأصطبر على كل معاناة.

الطاغية الوحيد الذي أقبله في هذا العالم هو الصوت الداخلي المتبقي.

 هناك أناس في العالم على درجة من الجوع المادي، لدرجة أن الله لا يمكن أن يظهر لهم إلّا في شكل الخبز.

 لا يوجد في الهند سياسي شجاع بما فيه الكفاية، لأن يحاول شرح أن الأبقار يمكن أكلها.

الـ “لا” التي تلفظ عن قناعة عميقة أفضل من الـ “نعم” التي تلفظ لمجرد الإرضاء، أو أسوأ من ذلك لتجنب المتاعب .

إنّ مبدأ العين بالعين يجعل كل العالم أعمى.

إنّ طريق الاستقلال يجب أن تمهده الدماء.

إنّ أية جريمة أو إصابة، بغَضّ النظر عن القضية، إرتكبت أو سُبِّبَت لشخص آخر هي جريمة ضد الإنسانية.

 إنّ التأقلم ليس تقليداً، بل هو يعني قوة المقاومة والاستيعاب.

حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت.

بما أنني رميت سيفي فإنّ كأس الحب هو كل ماأستطيع أن أهديه لمن يتعرض لي.

لا يمكنك مصافحة يد مقبوضة.

 



موهانداس كرمشاند غاندي

كان السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند. كان رائداً للساتياغراها وهي مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل، التي تأسست بقوة عقب أهمسا أو اللاعنف الكامل، والتي أدت إلى استقلال الهند وألهمت الكثير من حركات الحقوق المدنية والحرية في جميع أنحاء العالم. غاندي معروف في جميع أنحاء العالم باسم المهاتما غاندي  المهاتما أي 'الروح العظيمة'، وهو تشريف تم تطبيقه عليه من قبل رابندراناث طاغور،  وأيضاً في الهند باسم بابو (بالغوجاراتية : બાપુ بابو أي "الأب"). تم تشريفه رسمياً في الهند باعتباره أبو الأمة؛ حيث أن عيد ميلاده، 2 أكتوبر، يتم الاحتفال به هناك كـغاندي جايانتي، وهو عطلة وطنية، وعالمياً هو اليوم الدولي للاعنف.

 

قام غاندي باستعمال العصيان المدني اللاعنفي حينما كان محامياً مغترباً في جنوب أفريقيا، في الفترة التي كان خلالها المجتمع الهندي يناضل من أجل الحقوق المدنية. بعد عودته إلى الهند في عام 1915، قام بتنظيم احتجاجات من قبل الفلاحين والمزارعين والعمال في المناطق الحضرية ضد ضرائب الأراضي المفرطة والتمييز في المعاملة. بعد توليه قيادة المؤتمر الوطني الهندي في عام 1921، قاد غاندي حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر، وزيادة حقوق المرأة، وبناء وئام ديني ووطني، ووضع حد للنبذ، وزيادة الاعتماد على الذات اقتصادياً. قبل كل شيء، كان يهدف إلى تحقيق سواراج أو استقلال الهند من السيطرة الأجنبية. قاد غاندي أيضاً أتباعه في حركة عدم التعاون التي احتجت على فرض بريطانيا ضريبة على الملح في مسيرة ملح داندي عام 1930، والتي كانت مسافتها 400 كيلومتر. تظاهر ضد بريطانيا لاحقاً للخروج من الهند. قضى غاندي عدة سنوات في السجن في كل من جنوب أفريقيا والهند.

 

وكممارس للأهمسا، أقسم أن يتكلم الحقيقة، ودعا إلى أن يفعل الآخرون الشيء ذاته. عاش غاندي متواضعاً في مجتمع يعيش على الاكتفاء الذاتي، وارتدى الدوتي والشال الهنديين التقليديين، والذين نسجهما يدوياً بالغزل على الشاركا. كان يأكل أكلاً نباتياً بسيطاً، وقام بالصيام فترات طويلة كوسيلة لكل من التنقية الذاتية والاحتجاج الاجتماعي.

 

النشأة

ولد موهانداس كارام شاند غاندي في 2 أكتوبر 1869 في پوربندر بمقاطعة گجرات الهندية وتنتمي أسرته إلى طبقة فاسيا وإلى المذهب الجانتي ومن مبادئها التي مارستها مبدأ أهِمْسا وهو ألا ينزل أحد الأذى بكائن حي، وكان أبوه أدرياً قادراً، لكنه كان من زنادقة الممولين، فقد فقدَ منصباً في إثر منصب بسبب أمانته، وأنفق ماله كله تقريباً في سبيل الإحسان، وترك ما تبقى منه لأسرته ولما كان مهندس في صباه أنكر الآلهة إذ أساء إلى نفسه أن يرى أعمال الدعارة ماثلة في بعض آلهة الهندوس، ولكي يعلن ازدراءه للدين ازدراء أبدياً، أكل اللحم، لكن أكل اللحم أضرَّ بصحته، فعاد إلى حظيرة الدين.

 

ولما بلغ الثامنة خطب عروسه، وفي الثانية عشرة تزوج منها وهي كاستورباي التي ظلت على وفائها له خلال مغامراته كلها وغناه وفقره وسجنه وما تعرض له من براهما شاريا (أي اعتزام العفة الجنسية)؛ وفي سن الثامنة عشرة نجح في امتحانات الدخول في الجامعة،

 

سفره إلى لندن

وفي 1888 سافر إلى لندن ليدرس القانون، ولما كان في السنة الأولى هناك، قرأ ثمانين كتاباً عن المسيحية؛ وقال عن موعظة الجبل "إنها غاصت إلى سويداء قلبي عند قراءتها للمرة الأولى" واعتبر مبدأها بأن يُرَدَّ الشر بالخير وأن يحب الإنسان كل الناس حتى الأعداء، أسمى ما يعبر عن المثل الأعلى الإنساني، وصمم على أن يؤثر الفشل بهذه المبادئ على النجاح بغيرها.

 

ولما عاد إلى الهند سنة 1891 مارس المحاماة حيناً في بمباي؛ فكان يرفض أن يتهم أحد من أجل دينه، ويحتفظ لنفسه دائماً بحق ترك القضية إذا ما وجد أنها تتنافى مع العدل؛ وقد أدت به إحدى القضايا إلى السفر إلى جنوبي أفريقيا، فوجد بني قومه هناك يلاقون من سوء المعاملة ما أنساه العودة إلى الهند، واتجه بجهده كله - بغير أجر - إلى قضية بني وطنه في أفريقيا ليزيل عنهم ما كان يصفدهم هناك من أغلال؛ ولبث عشرين عاماً يجاهد للوصول إلى هذه الغاية حتى سلمت له الحكومة بمطالبه، وعندئذ فقط عاد إلى أرض الوطن.

 

عودته للهند

وكان طريق سفره بحيث يخترق الهند، فتبين للمرة الأولى فقر الناس فقراً مدقعاً، وأفزعته الهياكل العظمية التي شهدها تكدح في الحقول، والمنبوذون الوضيعون الذين كانوا يعملون أقذر الأعمال في المدن؛ وخيل أن ما يلاقيه بنو وطنه في الخارج من ازدراء، إن هو إلا إحدى نتائج فقرهم وذلهم في أرض وطنهم، ورغم ذلك فقد أخلص الولاء لإنجلترا بتأييدها إبان الحرب، بل دافع عن وجوب انخراط الهنود في سلك الجيش المحارب. إن كانوا ممن لم يقبلوا مبدأ الإقلاع عن العنف؛ ولم يوافق- عندئذ - أولئك الذين ينادون بالاستقلال وآمن بأن سوء الحكم البريطاني في الهند كان شذوذا‌ً في القاعدة، أما القاعدة فهي أن الحكم البريطاني بصفة عامة حكم جيد، وأن سوء الحكومة البريطانية في الهند لا يرجع إلا إلى عدم اتباعها لمبادئ الحكم السائدة في الحكومة البريطانية في بريطانيا نفسها، وأنه لو أفهم الشعب البريطاني قضية الهنود، تردد في قبولهم على أساس الإخاء التام في مجموعة الأجزاء الحرة من الإمبراطورية واعتقد أنه إذا ما وضعت الحرب أوزارها وحسبت بريطانيا ما ضحت به الهند في سبيل الإمبراطورية من رجال ومال، لما ترددت في منحها حريتها.

 

 

دراسته

سافر غاندي إلى بريطانيا عام 1882 لدراسة القانون، وعاش في الشهور الأولى من إقامته في لندن في حال من الضياع وعدم التوازن، والرغبة في أن يكون رجلاً إنجليزياً نبيلاً. غير أنه سرعان ما أدرك أنه لا سبيل أمامه سوى العمل الجاد، خاصةً أن وضعه المالي والاجتماعي لم يكونا يسمحان له باللهو وضياع الوقت. وسرعان ما عاد غاندي إلى تدينه والتزامه وسعيه إلى الحقيقة والأخلاق. فأخذ يتعلم القانون، ويعمل على تفسير النصوص بطريقة تناسب عقلية شعبه، ويقبل ما يشبع العقل، ويوحِّد عقله مع دينه، ويطابقه بما يملي عليه ضميره.

 

بدأت ملامح شخصية غاندي تتضح؛ وكانت نباتيته مصدراً دائماً لإحراجه، فهذه النباتية موروث ثقافي تحول عنده إلى قناعة وإيمان، فأنشأ نادياً نباتياً، رأسه الدكتور أولدفيلد محرِّر مجلة "النباتي"، وصار السيد ادوين آرنولد نائباً للرئيس، وغاندي أميناً للسر. ويبدو أن حياة غاندي في إنجلترا، وتجاربه فيها، كانتا تتقيدان بوجهة نظره الاقتصادية ومفهومه للصحة.

 

عاد غاندي إلى الهند في تموز عام 1890، بعد حصوله على الإجازة الجامعية التي تخوله ممارسة مهنة المحاماة. إلا أنه واجه مصاعب كثيرة، بدأت بفقدانه والدته التي غيبها الموت، واكتشافه أن المحاماة ليست طريقاً مضمونةً للنجاح. وقد أعاده الإخفاق من بومباي إلى راجكوت، فعمل فيها كاتباً للعرائض، خاضعاً لصلف المسؤولين البريطانيين. ولهذا السبب لم يتردد في قبول عرض للتعاقد معه لمدة عام، قدَّمته له مؤسسة هندية في ناتال بجنوب إفريقيا. وبدأت مع سفره إلى جنوب أفريقيا مرحلة كفاحه السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية.

 

دعوة العصيان المدني

لكن الحرب وضعت أوزارها، وتحرك الشعب مطالباً "بالحكم الذاتي"، فصدرت قوانين رولَنْد وقضت على حرية الكلام والنشر، بإنشائها تشريعاً عاجزاً للإصلاح يسمى "مونتاجو - شلمز فورد" ثم جاءت مذبحة أمرِتسار فأجهزت على البقية الباقية؛ ونزلت الصدمة قوية على غاندي. فقرر من فوره عملاً حاسماً، من ذلك أنه أعاد لنائب الملك الأوسمة التي كان قد ظفر بها من الحكومات البريطانية في أوقات مختلفة، ووجه الدعوة إلى الهند لتقف من الحكومة الهندية موقف العصيان المدني، واستجاب الشعب لدعوته، لا بالمقاومة السلمية كما طلب إليهم، بل بالعنف وإراقة الدماء، ففي بمباي مثلاً قتلوا ثلاثة وخمسين من "الفارْسيين" المناهضين للحركة القومية، ولما كان غاندي يعتنق مذهب "الأهِمْسا" - أي الامتناع عن قتل الكائنات الحية بكافة أنواعها - فقد بعث للناس برسالة أخرى دعاهم فيها إلى إرجاء حملة العصيان المدني، على أساس أنها تتدهور في طريقها إلى أن تكون حكم الغوغاء فقلما تجد في التاريخ رجلاً أبدى من الشجاعة أكثر مما أبداه غاندي في الاستمساك بالمبدأ في سلوكه، مزدرياً ما تمليه الضرورة العملية للوصول إلى الغايات، وغير آبه بحلوله من قلوب الناس منزلة عالية، فدهشت الأمة لقراره، لأنها ظنت أنها كادت تبلغ غايتها، ولم توافق غاندي على أن الوسائل قد يكون لها من الأهمية ما للغاية المنشودة، ومن ثم هبطت سمعة المهاتما حتى بلغت أدنى درجات جَزْرها.

 

اعتقاله

في هذه اللحظة نفسها (في مارس سنة 1922) قررت الحكومة القبض عليه، فلما توجه إليه النائب العام بتهمة إثارة الناس بمنشوراته، حتى اقترفوا ما اقترفوه من ألوان العنف في ثورة 1921، أجابه غاندي بعبارة رفعتْه فوراً إلى ذروة الشرف، إذ قال:

 

«أحب أن أؤيد ما ألقاه النائب العام العلاّمة على كتفي من لوم فيما يخص الحوادث التي وقعت في بمباي ومدراس وشاوري شاورا؛ لأنني إذا ما فكرت في هذه الحوادث تفكيراً عميقاً، وتدبرت أمرها ليلة بعد ليلة، تبين لي أنه من المستحيل علي أن أتخلى عن هذه الجرائم الشيطانية... إن النائب العام العلاَّمة على حق لا شبهة فيه حين يقول إنني باعتباري رجلاً مسئولاً، وباعتباري كذلك رجلاً قد ظفر بقسط من التعليم لا بأس به... كان ينبغي علي أن أعرف النتائج التي تترتب على كل فعل من أفعالي؛ لقد كنت أعلم أنني ألعب بالنار، وأقدمت على المغامرة، ولو أطلق سراحي لأعدتُ من جديد ما فعلته؛ إني أحسست هذا الصباح أنني أفشل في أداء واجبي إذا لم أقل ما أقوله هنا الآن.

أردت أن أجتنب العنف، وما زلت أريد اجتناب العنف، فاجتناب العنف هو المادة الأولى في قائمة إيماني، وهو كذلك المادة الأخيرة، من مواد عقيدتي؛ لكن لم يكن لي بد من الاختيار، فإما أن أخضع لنظام الحكم الذي هو في رأيي قد ألحق ببلادي ضرراً يستحيل إصلاحه، وإما أن أتعرض للخطر الناشئ عن ثورة بني وطني ثورة غاضبة هوجاء ينفجر بركانها إذا ما عرفوا حقيقة الأمر من بين شفتي، إني لأعلم أن بني وطني قد جاوزوا حدود المعقول أحياناً، وإني لآسف لهذا أسفاً شديداً، ولذلك فأنا واقف هاهنا لأتقبل، لا أخف ما تفرضونه من عقوبة، بل أقسى ما تنزلونه من عقاب؛ إنني لا أطلب الرحمة، ولا أتوسل إليكم أن تخففوا عني العقاب، إنني هنا - إذن - لأرحب وأتقبل راضياً أقسى عقوبة يمكن معاقبتي بها على ما يعدّه القانون جريمة مقصودة، وما يبدو لي أنه أسمى ما يجب على المواطن أداؤه

 

وعبر القاضي عن عميق أسفه لاضطراره أن يزج في السجن برجل يعدُّه الملايين من بني وطنه "وطنياً عظيماً وقائداً عظيماً" واعترف بأنه حتى أولئك الذين لا يأخذون بوجهة نظر غاندي، ينظرون إليه نظرتهم إلى "رجل ذي مثل عليا وحياة شريفة بل إن حياته لتتصف بما تتصف به حياة القديسين"( وحكم عليه بالسجن ست سنوات.

 

سُجنَ غاندي سجناً منفرداً لكنه لم يتألم، وكتب يقول "لست أرى أحداً من المسجونين الأخرين، ولو أنني في الحق لا أدري كيف يمكن أن يأتيهم الضرر من صحبتي لكني أشعر بالسعادة، إني أحب العزلة بطبيعتي، وأحب الهدوء، ولديّ الآن فرصة سانحة لأدرس موضوعات لم يكن لي بد من إهمالها في العالم الخارجي وراح يعلم نفسه بما يزيد من ثورته في كتابات "بيكن" و "كارلايل" و "رسْكُن" و "إمرسن" و"ثورو" و "تولستوي، وسرّى عن نفسه كروبها مدى ساعات طوال بقراءته لـ "بن جونْسن" و "وولترسكُتْ" وقرأ "بها جافاد جيتا" مراراً، ودرس السنسكريتية والتامِليَّة والأردية، حتى لا يقتصر على الكتابة للعلماء، بل ليستطيع كذلك أن يتحدث إلى الجماهير، ولقد أعدَّ لنفسه برنامجاً مفصلاً لدراساته خلال الستة الأعوام التي سيقضيها في سجنه، وكان أميناً في تنفيذ ذلك البرنامج، حتى تدخلت الحوادث في تغيير مجراه، "لقد كنت أجلس إلى كتبي بنشوة الشاب وهو في الرابعة والعشرين، ناسياً أني قد بلغت من العمر أربعة وخمسين وأني عليل‎".

 

الافراج عنه

كان مرضه بالزائدة الدودية طريق خلاصه من السجن، كما كان الطب الغربي الذي طالما أنكره، طريق نجاته من المرض؛ وتجمع عند بوابات السجن حشد كبير لتحيته عند خروجه وقبَّل كثيرون منهم ثوبه الغليظ وهو ماضٍ في طريقه؛ لكنه اجتنب السياسة وتوارى عن أنظار الشعب، وعني بضعف بنيته ومرضه، وأوى إلى مدرسته في أحمد أباد حيث أنفق أعواماً طوالاً مع طلابه في عزلة هادئة؛ ومع ذلك فقد أخذ يرسل من مَكْمنه ذاك كل أسبوع بمقال افتتاحي تنشره له الجريدة التي كانت لسان حاله، وهي جريدة "الهند الفتاة" وجعل يبسط في تلك المقالات فلسفته عن الثورة والحياة؛ والتمس من أتباعه أن يجتنبوا أعمال العنف، لا لأن العنف بمثابة الانتحار للهند فقط، ما دامت الهند عزلاء من السلاح، بل لأنه كذلك سيضع استبداداً مكان استبداد آخر؛ وقال لهم: "إن التاريخ ليعلمنا أن أولئك الذين دفعتهم الدوافع الشريفة إلى اقتلاع أصحاب الجشع باستخدام القوة الغشوم، أصبحوا بدورهم فريسة لنفس المرض الذي كان يصيب أعداءهم المهزومين... إن اهتمامي بحرية الهند سيزول لو رأيتها تصطنع لحريتها وسائل العنف، لأن الثمرة التي تجنيها من تلك الوسائل لن تكون الحرية، بل ستكون هي الاستعباد".

 

الانتماء الفكري

أسس غاندي ما عرف في عالم السياسة بـ"المقاومة السلمية" أو فلسفة اللاعنف (الساتياغراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولاً ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.

 

مبادئه وآراؤه

أساليب اللاعنف

وتتخذ سياسة اللاعنف عدة أساليب لتحقيق أغراضها منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت. واللا عنف لا تعني السلبية والضعف كما يتخيل البعض بل هي كل القوة إذا آمن بها من يستخدمها. من غير وحدانية. وقد قال غاندي تعليقاً على سياسة اللاعنف :" إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشرية..إنها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعته براعة الإنسان.

 

شروط نجاح اللاعنف

يشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.

 

وبعد الاعتصام قام غاندي بالاعتصام وزيادة عمل نسبة الكلكلي في الهند لأن الكلكلي هو من أحد الآثار التربوية في الهند ويعتمد استيراد الهند على الكلكلي.

 

 

إغتياله

لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، وبالفعل في 30 يناير 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا عن عمر يناهر 79 عاما.

 

لائحة المراجع

مهاتما غاندي على موقع المكتبة المفتوحة (الإنجليزية)

أوبن لايبريري

 

السيرة الذاتية لغاندي من موسوعة ملك ستانفورد

 

أعمال من قبل مهاتما غاندي في مشروع غوتنبرغ

 

غاندي، موهندس كرمشاند (المهاتما)، موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر