آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

أحمد شوقي

حكم أحمد شوقي

وطني لو شُغِلْتُ بالخلد عنه … نازعتني إليه في الخلد نفسي .

العلم يرفع بيتا لا عماد له … والجهل يهدم بيت العز والشرف .

الناس صنفان موتى في حياتهم … وآخرون ببطن الأرض أحياء .

إن الشجاع هو الجبان عن الأذى … وأرى الجريء على الشرور جبانا .

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا … إن الحياة عقيدة وجهاد .

وما استعصى على قوم منال … إذا الإقدام كان لهم ركابا .

أحرام على بلابله الدوح … حلالٌ للطير من كل جنس .

إن اليتيم هو الذي تلقى له … اُمَّا تخلت أو أبا مشغولا .

 

 

- صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.. فقوم النفس بالأخلاق تستقم.

والنفسُ من خيرِها في خيرِ عافيةٍ.. والنفسُ من شَرِّها في مرتع وخمِ.

- ولولا البخلُ لم يهلكْ فريقٌ.. على الأقدارِ تلقاهم غِضاباً

تعبت بأهله لوماً وقبلي.. دُعاةُ البِرِّ قد سَئموا الخِطايا.

- ليس اليتيمُ من أنتهى أبوَاهُ من.. هَمِّ الحياةِ وَخَلَّفاهُ ذليلاً

فأصابَ بالدنيا الحَكيمةِ منهما.. وبحُسْنِ تربيةِ الزمان بَديلاً

إنّ اليتيمَ هو الذي تَلْقَى له.. أماً تخلَتْ أو أباً مَشْغولاً

إِن المقِّصَر قد يَحُولُ ولن تَرى.. لجَهالة الطَّبْعِ الغَبيِّ محيلا.

- رأيتُ في بعضِ الرياضِ قبرةٌ.. تطيرُ ابنها بأعلى الشجرة

وهي تقول يا جمالَ العش.. لا تعتمدْ على الجناح الهشِّ

وقف على عودٍ بجنب عودِ.. وافعلْ كما أفعلُ في الصعودِ

فانتقلتْ من فنن إِلى فننْ.. وجعلتْ لكل نقلةٍ زمنْ

كي يسترحَ الفرحُّ في الأثناء.. فلا يخلُّ ثقل الهواءِ

لكنَّهُ قد خالفَ الإشارةْ.. لما أرادَ يظهرُ الشطارةْ

وطارَ في الفضاءِ حتى ارتفعا.. فخانه جناحُه فوقعا

فانكسَرَتْ في الحال رُكبتاه.. ولم ينلْ من العُلا مناهُ

ولو تَأَنَّى نالَ ما تمنى.. وعا شَ طولَ عُمْرِهُ مهنا

لكلِّ شيءٍ في الحياتِ وقْتهُ.. وغايَةُ المسعجلينَ فَوْتهُ.

- إِنّ الغرورَ إِذا تملَّكَ أمةً.. كالزهرِ يخفي الموتَ وهو زؤامُ.

- وإِذا النساءُ نشأنَ في أميةٍ.. رضعَ الرجالُ جهالةً وخُمولا.

- فخذوا العلمَ على أعلامِهِ.. واطلُبوا الحكمةَ عندَ الحكماءِ.

- واطلبوا العلمَ لذاتِ العلمِ لا.. لشهاداتٍ وآرا بٍ أخرْ.

- تركُ النفوسِ بلا علمٍ ولا أدبٍ.. تركُ المريضِ بلا طبٍ ولا آسِ.

- والمرءُ ليس بصادقٍ في قولهِ.. حتى يؤيدَ قولهُ بفعالهِ.

- إِنّما الموتُ مُنْتهى كُلِّ حي.. لم يصيبْ مالكٌ من الملكِ خُلْداً

سنةُ اللّهِ في العبادِ وأمرَ.. ناطقٌ عن بقايهِ لن يردا.

- وآثارُ الرجالِ إِذا تناهَتْ.. إِلى التاريخِ خيرِ الحاكمينا

وأخذكَ من فمِ الدنيا ثناءً.. وتركُكَ في مسامِعِعاً طنيناً.

- من يكذبُ التاريخَ يكذبْ ربهُ.. ويسيءُ للأمواتِ والأحياءِ.

- ربّما تَقتضِيك الشَّجَاعة أن تَجْبُن سَاعَة.

- الخَيْرُ فيه ثَوابه وإن أبطأ، والشَّرُ فيه عقابه وقلّما أخطأ.

الخَيْرُ تَنْفحُك جَوَزايه، والشَّرُ تلفحُكَ نَوازِيه.

رُبَّ قارضٍ للأعْرَاض، وَعِرْضُهُ بَينَ شِقَّي المِقْرَاض.

- مَنْ عَرَفَ نفْسَهُ بعدَ جهْلٍ وَجَدَها، ومَنْ جَهِلَ نفسَهُ بعدَ مَعْرفَةٍ فَقَدَها.

- منْ ظنَّ أنه يُرضِي أبدا، يوشك أن لا يُرضِي أحَداً.

- إذا طَالَ البُنْيَانُ عنْ أُسِّه، أنْهَدَم من نَفْسِه.

- رَبّما مَنَعَتْك الحقُوقُ الكَلام، وأَلجَمتِ العُهُودُ فاكَ بِلجَام.

- ارْحَم نَفسَك من الحِقْدِ فإنّه عَطَب، نارٌ وأنتَ الحَطَب.

- مَنْ فَقَدَ الضّمِير لمْ يَجِد مَسَّ التَّحْقِير.

- الشَّبَابُ مُلاوَة كُلُّها حَلاوَة.

- يَتَّقِي النَّاسُ بعضُهم بَعْضا في الصَّغَائِر، ولا يَتَّقُون الله فِي الكَبَائر.

- لا أَعْلَمُ لكَ مُنْصِفاً إلّا عَمَلَك، إذا أَحْسَنْتَه جَمَّلَك، وإذا أتْقَنْتَه كَمَّلَك.

- إذا كنتَ في أمرٍ فكُن على نفسِكَ في صُدُورِه، تكنْ معكَ في عَوَاقِبِه.

- ما أَوْلَعُ النّاس بالنّاس، يشتَغلُ أحدُهُم بشُؤونِ أخِيه، وفي أيسَرِ شأنِهِ ما يُلْهِيه.

- كَفَى بِزَوَالِ الألَمِ لَذَّة، وكَفَى بِفِطَامِ اللَّذَّة أَلَما.

- النَّفسُ أضْعَفُ ما تكوُن قاهِرَةً، وأقْوَى ما تَكُونُ مقْهُورَةً.

ما أَضَاءَ زَيْتُ الحِكْمَةِ في أَوْهَج من سُرُج الشِّعْر.

- النَّاسُ في اتِّقَاءِ اللئِيم، وخِدَاعِ الكَرِيم.

الخَوَاصُّ حَفَظَةُ الدُّنيَا، والعَوَامُّ حَفَظَةُ الدِّين.

- لا يزال الشعر عاطلاً حتى تزينه الحكمة، ولا تزال الحكمة شاردة حتى يؤويها بيت من الشعر.

- آفة النصح أن يكون جدالاً، وأذاه أن يكون جِهاراً.

- مِنْ حَمَلَ غَمَّا، حَمَلَ سُمَّا.

- لو طلب إلى الناس أن يحذفوا اللغو وفضول القول من كلامهم، لكاد السكوت في مجالسهم يحل محل الكلام.

- تغطي الشهرة على العيوب، كالشمس غطى نورها على نارها.

- يستأذن الموت على العاقل، ويدفع الباب على الغافل.

- عجبت من الصدر.. يسع الحادث الجليل، ويضيق بحديث الثقيل.

- إِن الرجالَ إِذا ما أُلْجِئوا لجأوا.. إِلى التعاونِ فيها جَلَّ أو حَزَبا.

- كم واثقٍ بالنفسِ نهاضٍ بها.. ساد الريةَ فيه وهو عصامُ.

- تسامحُ النفس معنىً من مروءتها.. بل المروءةُ في أسمى معانيها

تخلقِ الصفحَ تسعدْ في الحياةِ به.. فالنفسُ يسِعدُها خلقٌ ويشقيها.

- وما في الشجاعة حتف الشجاع.. ولا مد عمر الجبان الجبن.

- إِنّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ.. ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلاً

إِنّ الشجاعَ هو الجبانُ عن الأذى.. وأرى الجريئ على الشرورِ جباناً.

- إِذا رأيتَ الهوى في أمةٍ حكماً.. فاحكمْ هنالكَ أن العقلَ قد ذهبا.

- والحظ يبني لك الدنيا بلا عمد.. ويهدم الدعم الطولى إذا خانا.

- قم للمعلم وفِّه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا.

- فعلِّمْ ما استطعْتَ لعل جيلاً.. سيأتي يحدثُ العجبَ العُجابا

ولا ترهقْ شبابَ الحيِّ يأسا.. فإِن اليأسَ يخترمُ الشباباً.

- شبابٌ قنَّعٌ لا خيرَ فيهم.. وبوركَ بالشبابِ الطامحينا.

- لا يقولنَّ امرؤٌ أصلي فما.. أصلهُ مُسكٌ وأصلُ الناسِ طينْ

قسماً لو قدروا ما احتشموا.. لا يعُّف الناسُ إِلّا عاجزينْ.

- والبِرُّ عندكَ ذمةٌ وفريضةٌ.. لا منةٌ ممنونةُ وجباءُ

جَاءتْ فوحدتِ الزكاةُ سبيلهُ.. حتى التقى الكرماءُ والبخلاءُ.

- الحق سهم لا ترشه بباطل.. ما كان سهم المبطلين سديداً.

- جلال الملك أيام وتمضي.. ولا يمضي جلال الخالدينا.

- وإذا النفوس تطوحت في لذة.. كانت جنايتها على الأجساد.

- ولم أر مثل جمع المال داء.. ولا مثل البخيل به مصاباً..

فلا تقتلك شهوته وزنها.. كما تزن الطعام والشراباً..

وخذ لبنيك والأيام ذخراً.. وأعط الله حصته احتساباً.

- فلا تقولن يوم الفخر كان أبي.. حتى يراك بنو الدنيا كما كان..

مجد الأصول عزيز ما سهرت على.. حفظ الأصول، فإن ضيعته هاناً.

- وآثار الرجال إذا تناهت.. إلى التاريخ خير الحاكمينا.

- نهضت بعرض ينهض الدهر دونه.. خشوعاً وتخشاه الليالي وترهب.

وكن في الطريق عفيف الحظي.. شريف السماع كريم النظر..

وكن رجلاً إن أتوا بعده.. يقولون مر، وهذا الأثر.

- آفة النصح أن يكون جدالاً، وأذاه أن يكون جِهاراً.

 لك نصحي وما عليك جدالي.. وآفة النصح أن يكون جدالاً.

- نصحت ونحن مختلفون داراً.. ولكن كلنا في الهم شرق.

وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً.

- أحرام على بلابله الدوح.. حلال للطير من كل جنس؟.

- إلام الخلف بينكم إلاما.. وهذي الضجة الكبرى علاماً؟.

تعلموا العربية، فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة.

- خطبت، فكنت خطبا، لا خطيبا.. أضيف إلى مصائبنا العظام..

لهجت بالاحتلال وما أتاه.. وجرحك منه لو أحسست دام.

- علموه كيف يجفو فجفا.. ظالم لاقيت منه ما كفى..

مسرف في هجره ما ينتهي.. أتراهم علموه السرفا؟.

- لكل زمان مضى آية.. وآية هذا الزمان الصحف..

 لسان البلاد ونبض العباد.. وكهف الحقوق وحرب الجنف.

- واختلاف الرأي لا.. يفسد للود قضية.

- يا جارة الوادي طربت وعادني.. ما يشبه الأحلام من ذكراك.

- ألا ليت البلاد لها قلوبٌ.. كما للناسِ، تنفطر التياعا.

- الجهل لا تحيا عليه جماعة.. كيف الحياة على يدي عزريلا.

الدين يُسر والخلافة بيعة والأمر شورى والحقوق قضاء..

- العلم يرفع بُيتاً لا عماد له.. والجهل يهدم بيت العز والشرف.

- أليست النفس تموتُ مَرَّهْ فخذْ عليها أن تموتَ حُرَّهْ.

- إن الحقائق قاسية، فاستعيروا لها خفة البيان.

- إن الصَّبي ما تُغذِّيه اغتذى فأكثر عليه في المثال المحتَذَى.

إن تَسَلْ أين قبورُ العُظماء فعلى الأفواه أو في الأنفُسْ.

- تهرم القلوب كما تهرم الأبدان، إلا قلوب الشعراء والشجعان.

- شباب النيل: إن لكم لصوتاً ملبي حسين يرفع مستجاباً فهزوا العرش بالدعوات حتى يخفف عن كنانته العذابا.

- لا بد في هذه الحياة من ادب لمن تصدى للامور وأنتدب.

- لا دِينَ لْلِباغِي وإنْ تَدَيَّنا كَفَى بِقَتْلِ النَّفْس ظُلْماً بَيِّنا.

- لا يعجبنّكمُ ساعٍ بتفرقةٍ إنَّ المقصَّ خفيفٌ حينَ يقتطعُ.

- والنفس ترجو همة الخلود في العلم والبنيان والمولود.

 

مَن بَغَى بسلاح الحق بُغِيَ عليه بسلاح الباطل .

قُبِّح الدَّيْنُ؛ نطق ففضح، وسكت ففدح .

يستريح النائم من قيود الحياة كما يتروّح السجين ساعةً في فناء السجن .

ما نبَّه على الفضل الكاذب، مثلُ الثناء الكاذب .

نخوة الكلب من الراعي، ومَنَعَة الديك من السَّطح .

إذا بالغ الناس استعاروا للهر شوارب النمر .

الفضائل حلائل، والرذائل خلائل .

هلكت أُمَّةٌ تحيا بفرد وتموت بفرد .

في الغَمْر تستوي الأعماق .

فراش المتعَب وَطيء، وطعام الجائع هنيء .

تغطي الشهرة على العيوب؛ كالشمس غطَّى نورُها على نارها .

مَن عجز عف، ومن يئِسَ كف، ومن جاع أَسَفّ .

الأمم بنيان الهمم .

الصالحون يبنون أنفسهم، والمصلحون يبنون الجماعات .

 

 

1) أحمد شوقي

أحمد شوقي هو أحد أعمدة الشعر العربي الحديث، ورائد النهضة الشعرية العربية، اعتلى عرش الشعر العربي فلُقب بأمير الشعراء عام 1927م، وكان قبل ذلك قد نُفي إلى إسبانيا في الفترة الممتدة بين عامي 1914-1919م، وحين عودته سيطر على الساحة الأدبية في مصر، وقد عُرف شوقي بغزارة إنتاجه الشعري، كما امتاز شعره بغرابة الألفاظ وسهولة الأسلوب، وكتب مسرحیات حاكى بها نماذج الشعراء الغربيين من أمثال: شكسبير، وكورني، وراسین.

 

  نشأة وحياة الشاعر أحمد شوقي

ولد أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك في القاهرة عام 1869م، نشأ وترعرع فيها، وقد حمل اسم جده لأبيه ولقَبُه أحمد شوقي، وانحدر الشاعر أحمد شوقي من أسرة اختلطت دماؤها بأصول خمسة، هي: الكردية، والشركسیة، والعربیة، واليونانية، والتركية، فجده لأبیه كردي الأصل تولى عدة مناصب إدارية في زمن سعيد باشا كان آخرها أمین الجمارك المصریة، وجده لأمّه تركي الأصل واسمه أحمد حليم النجدلي، وكان وكيلاً لخاصة الخديوي إسماعيل، أمّا جدته لأمّه فكانت يونانية وتعمل وصيفة في بلاط الخديوي، وقد تولّت أمر رعايته في طفولته، فنشأ في ظل القصر نشأة ارستقراطية، ما جعله يتفرغ للشعر ويخلص له، فلا يشغل باله غيره، وكان محاطاً بعناية العائلة بأكملها، لا سيما أنّه كان وحيد والديه.

 

تلقّى أحمد شوقي علومه الأولى في سن الرابعة في كُتَاب الشيخ صالح، وأنهى تعليمه الثانوي في سن مبكرة عام 1885م، ثمّ التحق بمدرسة الحقوق حيث درس القانون، وإلى جانبه درس ترجمة اللغة الفرنسية، وانتهى من دراسته عام 1889م، وأثناء دراسته كان يتتلمذ علوم الأدب على يدي حسين المرصفي، والشيخ حفني ناصف، والشيخ محمد البسيوني البيباني، وبعد تخرجه من مدرسة الحقوق أرسله الخديوي توفيق إلى فرنسا لإتمام دراسة الحقوق، حيث قضى أربع سنوات في مدينة باريس ومونبلييه، ثمّ عاد إلى مصر عام 1892م، ومن الجدير بالذكر أنّ شوقي كان قد تزوج من السيدة خديجة شاهين وله منها ثلاثة أبناء، هم: حسين، وأمينة، وعلي.


 

الدراسة والتكوين

التحق وهو في الخامسة عشرة من عمره بمدرسة الحقوق والترجمة -كلية الحقوق لاحقا- منتسبا إلى قسم الترجمة، وبعد تخرجه سافر 1887 إلى فرنسا على نفقة والي مصر العثماني الخديوي توفيق، فتابع دراسة الحقوق في مونبلييه واطلع على روائع الأدب الفرنسي، وعاد إلى مصر 1891.

 

الوظائف والمسؤوليات

عُين عقب رجوعه من فرنسا رئيسا للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي، وانتدب سنة 1896 لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين المنعقد بجنيف في سويسرا.

 

التجربة الأدبية

بدأت مواهب شوقي الشعرية تلفت الأنظار وهو طالب في مدرسة الحقوق، كما دأب -خلال وجوده في فرنسا- على إرسال قصائد في مدح الخديوي توفيق، وبعد عودته إلى مصر أصبح "شاعر القصر" المقرب من الخديوي عباس حلمي الذي تولى الحكم إثر وفاة والده توفيق، وكانت سلطته مهددة بهيمنة المحتل الإنجليزي.

 

يرجع النقاد تأييده للخديوي إلى عدة أسباب، منها أن الخديوي هو ولي نعمته الذي تولى رعايته، ومنها الدافع الديني الذي كان يوجه الشعراء على اعتبار أن الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية يجب عليهم الدفاع عنها.

 

هاجم شوقي الاحتلال البريطاني لمصر مما أدى إلى نفيه إلى إسبانيا 1914، وفي المنفى اطلع على الأدب العربي ومظاهر الحضارة الإسلامية في الأندلس فنظم الكثير من درر شعره إشادة بها، وحنينا إلى بلده مصر التي عاد إليها بعد قضائه أربع سنوات في المنفى.

 

ومن المنفى أرسل نونيته السائرة "أندلسية"، يعارض فيها نونية ابن زيدون "أضحى التنائي":

 

يا نائح الطلح، أشباه عوادينا * نشجى لواديك أم نأسى لوادينا؟

رمى بنا البين أيكا غير سامرنا * أخا الغريب، وظلا غير نادينا!

آها لنا نازحي أيك بأندلس * وإن حللنا رفيفا من روابينا!

 

يرى كثيرون أن شوقي كان يملك خيالا خصبا وعاطفة صادقة ومشاعر جياشة، وكان صاحب موهبة شعرية فذة أكمل بها المهمة التي بدأها الشاعر المصري محمود سامي البارودي لإحياء الشعر العربي وإعادته إلى مستواه الرفيع في عهوده الزاهرة، إلا أن مدرسة العقاد النقدية -وعلى رأسها الأستاذ سيد قطب– نالت من شوقي وشعره، ووجهت إليهما إهانات مؤلمة.

 

 وقد كان شوقي من أخصب شعراء العربية إنتاجا، فقد كتب ما يزيد على 23 ألفا وخمسمائة بيت، وفي سنة 1927 بايعه شعراء العرب كافة "أميرا للشعراء" في حفل كبير أقيم بالقاهرة، وبعد ذلك انصب اهتمام شوقي على الشعر المسرحي فأصبح رائده الأول على المستوى العربي.

 

المؤلفات

جمع شوقي شعره في ديوان "الشوقيات" الذي صدر في أربعة أجزاء، ثم قام الدكتور محمد السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها الديوان في مجلدين أطلق عليهما "الشوقيات المجهولة".

 

اشتهر أمير الشعراء بشعر المناسبات الاجتماعية والوطنية، وبالشعر الديني الذي خصص له العديد من القصائد، منها: "نهج البردة"، و"الهمزية النبوية"، و"سلوا قلبي"، وله ملحمة رجزية طويلة بعنوان: "دول العرب وعظماء الإسلام" بلغت 1726 بيتا، نظمها في منفاه بالأندلس.

 

كتب العديد من المسرحيات الشعرية منها: "مصرع كليوباترا"، و"مجنون ليلى"، و"قمبيز"، و"علي بك الكبير"، و"أميرة الأندلس"، و"عنترة"، و"الست هدى"، و"البخيلة"، و"شريعة الغاب"، وكتب أيضا روايات منها: "الفرعون الأخير"، و"عذراء الهند"، وله في النثر كتاب "أسواق الذهب" الذي انتهج فيه أسلوب المقامات الأدبية.

 

المسرحيات 

مسرحية مصرع كليوباترا وأخرجها سنة 1927.

مسرحية مجنون ليلى (قيس وليلى).

مسرحية قمبيز كتبها في عام 1931 وهي تحكي قصة الملك قمبيز.

مسرحية علي بك الكبير وهي تحكي قصة ولي مصر المملوكي علي بك الكبير.

مسرحية أميرة الأندلس

مسرحية عنترة وهي تحكي قصة الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد وابنة عمه عبلة.

مسرحية الست هدى

مسرحية البخيلة

مسرحية شريعة الغاب

 

روايات

الفرعون الأخير.

عذراء الهند.

 

الوفاة

توفي أمير الشعراء أحمد شوقي يوم 14 جمادى الآخرة 1351هـ الموافق 14 أكتوبر/تشرين الأول 1932، بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها "مشروع القرش" الذي نهض به شباب مصر في تلك الفترة.

 

المراجع

الجزيرة ، موقع الجزيرة (بتصرف)

 

 شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > ديوان أحمد شوقي نسخة محفوظة 05 يونيو 2014 على موقع واي باك مشين.

 

البطل الخالد صلاح الدين والشاعر الخالد أحمد شوقي، محمد اسعاف النشاشيبي، مطبعة بيت المقدس، القدس، 1351هـ/1932م.

 

أبي شوقي، حسين شوقي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ، 1366هت/1947م.

 

شوقي أو صداقة أربعين سنة، شكيب أرسلان، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1355هـ/1936م.


شاعرا العروبة شوقي وحافظ، عبد السميع المصري، دار الفكر الحديث، القاهرة.

 


 

 

2) التّعريف بالشاعر أحمد شوقي

أحمد شوقي هو أحد أعمدة الشعر العربي الحديث، ورائد النهضة الشعرية العربية، اعتلى عرش الشعر العربي فلُقب بأمير الشعراء عام 1927م، وكان قبل ذلك قد نُفي إلى إسبانيا في الفترة الممتدة بين عامي 1914-1919م، وحين عودته سيطر على الساحة الأدبية في مصر، وقد عُرف شوقي بغزارة إنتاجه الشعري، كما امتاز شعره بغرابة الألفاظ وسهولة الأسلوب، وكتب مسرحیات حاكى بها نماذج الشعراء الغربيين من أمثال: شكسبير، وكورني، وراسین.

  نشأة وحياة الشاعر أحمد شوقي

ولد أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك في القاهرة عام 1869م، نشأ وترعرع فيها، وقد حمل اسم جده لأبيه ولقَبُه أحمد شوقي، وانحدر الشاعر أحمد شوقي من أسرة اختلطت دماؤها بأصول خمسة، هي: الكردية، والشركسیة، والعربیة، واليونانية، والتركية، فجده لأبیه كردي الأصل تولى عدة مناصب إدارية في زمن سعيد باشا كان آخرها أمین الجمارك المصریة، وجده لأمّه تركي الأصل واسمه أحمد حليم النجدلي، وكان وكيلاً لخاصة الخديوي إسماعيل، أمّا جدته لأمّه فكانت يونانية وتعمل وصيفة في بلاط الخديوي، وقد تولّت أمر رعايته في طفولته، فنشأ في ظل القصر نشأة ارستقراطية، ما جعله يتفرغ للشعر ويخلص له، فلا يشغل باله غيره، وكان محاطاً بعناية العائلة بأكملها، لا سيما أنّه كان وحيد والديه.

تلقّى أحمد شوقي علومه الأولى في سن الرابعة في كُتَاب الشيخ صالح، وأنهى تعليمه الثانوي في سن مبكرة عام 1885م، ثمّ التحق بمدرسة الحقوق حيث درس القانون، وإلى جانبه درس ترجمة اللغة الفرنسية، وانتهى من دراسته عام 1889م، وأثناء دراسته كان يتتلمذ علوم الأدب على يدي حسين المرصفي، والشيخ حفني ناصف، والشيخ محمد البسيوني البيباني، وبعد تخرجه من مدرسة الحقوق أرسله الخديوي توفيق إلى فرنسا لإتمام دراسة الحقوق، حيث قضى أربع سنوات في مدينة باريس ومونبلييه، ثمّ عاد إلى مصر عام 1892م، ومن الجدير بالذكر أنّ شوقي كان قد تزوج من السيدة خديجة شاهين وله منها ثلاثة أبناء، هم: حسين، وأمينة، وعلي.

مصادر ثقافة الشاعر أحمد شوقي

كان أحمد شوقي مثقفاً ثقافة متنوعة الأركان، فقد انكب على قراءة كتب الأدب العربي وداوم على مطالعتها، لا سيما كتب فحول الشعر أمثال: أبي نواس، والبحتري، والمتنبي، وأبي تمام، وكتب كبار الأدباء ككتاب الحيوان للجاحظ، إضافة إلى كتب اللغة، والفقه، والحديث، وإلى جانب ثقافته العربية فقد كان متقناً للغة للفرنسية، بسبب الفترة التي قضاها في فرنسا والتي مكّنته من الاطلاع على آدابها، والنهل من فنونها، والتأثر بشعرائها وأدبائها الذين كان متصلاً بهم اتصالاً مباشراً، إضافة إلى إتقانه للغة التركية والتي اكتسبها من بيته وعائلته، وتأثر الشاعر أحمد شوقي من إقامته في إسبانيا أثناء المنفى حيث اطلع على مظاهر الحضارة الإسلامية هناك، واستشعر خسارة المجد العربي الإسلامي الزائل فيها.

بواكير الشاعر أحمد شوقي في الشّعر

بدأ الشاعر أحمد شوقي بنظم الشعر أثناء دراسته الحقوق، وحين كان يتتلمذ على يدي الأستاذ محمد البسيوني البيباني شاعر توفيق باشا، فكان أحمد شوقي يطلع على قصائد البيباني، ويقوم بمراجعتها وتنقيحها وتهذيبها، ما أسعد أستاذه كثيراً بذلك، إذ رأى في شوقي مشروع شاعر مبدع وتوسم فيه خيراً، فقدمه للخديوي توفيق وأخبره عن موهبته الفذة، فاستدعاه الخديوي واطلع على شعره.

مؤلّفات الشاعر أحمد شوقي

ديوان الشوقيّات

هو ديوان يتألف من أربعة مجلدات، طبع أول مرة بين عامي 1888-1889م في مطبعة الآداب والمؤيد، ثمّ أُعيد طبعه عام 1911م دون أيّة إضافة إليه، كما وقُسّمت الشوقيات إلى أربعة أجزاء، طبع الجزء الأول 1926م دون أيّة إضافة إليه، ثمّ طبع الجزء الثاني عام 1930م، وبعد وفاة أحمد شوقي طبع الجزء الثالث الخاص بالرثاء عام 1936م، ثمّ طبع الجزء الرابع عام 1943م.

 

الروايات

كتب الشاعر أحمد شوقي ثلاث روايات، هن

عذراء الهند: هي رواية عن تاريخ مصر القديم أيام الملك رمسيس الثاني، وقد ألفها عام 1897م.

لادياس: كلمة (لادياس) تعني آخر الفراعنة، وهي أيضاً عن تاريخ مصر القديم، وتعكس حالة مصر قبل القرن الخامس الميلادي، أي بعد عهد بسمافيك الثاني.

ورقة الآس: هي أيضاً رواية تاريخية وقعت أحداثها في زمن سابور ملك الفرس.

مذكرات بنتاؤر: هي رواية تدور حول معتقد مصري قديم وهو أنّ بعض الناس بإمكانهم التكلم مع الطيور والتعبير عنهم بألسنتهم، فكانت الرواية عبارة عن حوار دار بين طائر الهدهد الذي يرمز إلى الشاعر ذاته وطائر النسر الذي يرمز إلى الشيطان الذي كان يسكن بنتاؤرو الشاعر المصري القديم.

 

المسرحيّات

اعتُبر الشاعر أحمد شوقي رائد المسرح العربي، إذ ملأ فراغاً في الأدب المعاصر، فوضع عدداً من المسرحيات الشعرية تناولت مادتها الأولية من التاريخ القديم ومن الحياة الاجتماعية المعاصرة، وجعل لكل مسرحية من مسرحياته هدفاً متمثلاً باتجاه معين أو عبرة أو قيمة أخلاقية، وقد اتسم أدب شوقي المسرحي بتأثره بالأدب الأوروبي، حيث استفاد من مطالعاته الأدب الفرنسي والإنجليزي، وهذه المسرحيات فهي

مسرحية مصرع كليوباترا تناولت تاريخ مصر القديم، واعتمد في كليوباترا الاتجاه الوطني وامتازت بكثرة الغنائية الشعرية،

مسرحية قميز: تناولت تاريخ مصر القديم لكن اتجاهها كان التضحية الوطنية.

مسرحية علي بك الكبير: استقى الشاعر مادتها من تاريخ مصر القريب، واعتمد فيها الاستقلال الوطني، لكنه غير في بعض أحداثها الحقيقية، إذ زاد من صفة الخير للشخصيات بشكل مناقض للواقع التاريخي.

مسرحية الست هدى: استوحى الشاعر أحداثها من الحياة الاجتماعية المعاصرة، وهي مسرحية ساخرة انتقد فيها النفعيين والانتهازيين.

مسرحة عنترة ومسرحية مجنون ليلى: استلهمهما أحمد شوقي من تاريخ العرب القديم، وأكثر فيهما من الغنائية الشعرية، وركز في مسرحية عنترة على العفة في الحب، وعلى التقيّد بالتقاليد في مسرحية (مجنون ليلى).

مسرحية أميرة الأندلس: كتب الشاعر هذه المسرحية بطريقة نثرية، وهي مستوحاة من التاريخ العربي، وأساسها الوفاء والالتزام بالعهد.

مسرحية البخيلة: تُعدّ مسرحية كوميدية ناقدة مستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة، وقد اتجه شوقي فيها إلى طبقة البسطاء أو الأشخاص العادييين مبتعداً تماماً عن تلك الطبقة الارستقراطية، فالبخيلة هي امرأة عادية تدخر الثروة وتحرم نفسها من كل شيء.

 

الكتب

لم يكتب الشاعر أحمد شوقي الكثير من الكتب، واقتصر على كتابين هما:

كتاب أسواق الذّهب: هو عبارة عن نصوص نثرية بمفردات صعبة لأمير الشعراء، تناول فيها أموراً متعلقة بالحياة البشرية، وقد عرّفها في مقدمة الكتاب قائلاً: (إنما هي كتاب، اشتملت على معان شتى الصور وأغراض مختلفة الخبر، جليلة الخطر، منها ما طال عليه القدم، وشاب على تناوله القلم، وألم به الغُفل من الكُتاب والعلم، ومنها ما كثر على الألسنة في هذه الأيام وأصبح يعرض في طرق الأقلام وتجرى به الألفاظ في أعنة الكلام؛ من مثل: الحرية، والوطن، والأمة، والدستور، والإنسانية، وكثير غير ذلك من شؤون المجتمع وأحواله).

كتاب دول العرب وعظماء الإسلام: يُعدّ هذا الكتاب علامة بارزة في تاريخ الأدب العربي، فهو عبارة عن أراجيز مزدوجات تتألف من ألفي بيت، نظّمها الشاعر أحمد شوقي بإبداع، تحدث فيها عن سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وسيرة الخلفاء الراشدين، وسير رجال آخرين، وذكر دول العرب في العصور الأمويّة، والعباسيّة، والفاطميّة.

خصائص شعر الشاعر أحمد شوقي

أغراض شعر أحمد شوقي

نظمّ شوقي الشعر في عدة مجالات مختلفة ومتنوعة، حيث كتب الشعر السياسي والوطني، بالإضافة إلى شعر الرثاء، والمدح، والغزل، والوصف، والحكمة، وقد أبدع شوقي في نظْمه حتى صعد إلى القمة، ومن خلال شعره كان يعكس الشاعر أحمد شوقي ما في نفسه من حب للوطن، والدين، والحياة، والحرية، وقد جاء متسماً بقوة العاطفة، وسعة الخيال، وسلاسة الألفاظ وعذوبتها، وقوة التراكيب.

الأخلاق في شعر الشاعر أحمد شوقي

أكثر الشاعر أحمد شوقي من ذكر الأخلاق في شعره والحث عليها، فبها تحيا الأمم، وبها يسعد الأفراد، وقد شغلت قضية الأخلاق بال شاعرنا فكانت بالنسبة إليه قضية مهمة سعى جاهداً لإيصالها إلى الناس بطريقة إبداعية مميزة ما جعلهم يُحسون به ويتفاعلون معه ويدركون أهمّيتها عليهم وعلى من سيأتي من بعدهم، وقد حقق شوقي مبتغاه إذ جعل من موضوع الأخلاق هدفاً إنسانياً مهماً، فعبر عن ذلك بمفردات واضحة المعنى والمغزى.

التأثيرات الإسلاميّة في شعر الشاعر أحمد شوقي

ظهر تأثر الشاعر أحمد شوقي بالجانب الإسلامي بقوة في شعره، لا سيما تأثره بالقرآن الكريم الذي يُعتبر المرجع الأول لكافة المسلمين بما فيهم الشعراء والأدباء، فآيات القرآن الكريم هي المصدر الأول الذي استقي منه أمير الشعراء استشهاداته على ما وصف في شعره، والتي يرى شوقي فيها السبيل لحفظ كرامة المسلمين وإقامة العدل الذي أمر الله بإقامته.

اللغة والإيقاع الموسيقيّ في شعر الشاعر أحمد شوقي

كان الشاعر أحمد شوقي متمكناً لغوياً، فقد امتلك ثروة لغوية غزيرة، كان لها أثر في شعره، إذ أكسبته السمات الآتية:

  1. المعرفة الجيدة بالتراث العربي والعمل على إحيائه والاستلهام منه، فقد نَظَمَ قصائد استلهمها من العصر العباسي وعارض بها شعراء أمثال البحتري.
  2. هدوء العاطفة وضبط النفس.
  3. تجلي الموسيقى في شعره وقدرته على استخدامها بذكاء لإظهار المعنى المُراد إيصاله.
  4. انبثاق صور فنية عديدة من الصورة الفنية العامة للعمل الفني.

مرض ووفاة الشاعر أحمد شوقي

أصيب أمير الشعراء وهو على أعتاب الستين بمرض تصلب الشرايين، وفي عام 1930م أصيب بمرض آخر مفاجئ أنهك قواه وألزمه الفراش لمدة أربعة أشهر، ورغم مرضه وضعفه إلّا أنّ قريحته للكتابة كانت قَوِيَة وزاد إنتاجه الشعري، فقد ألّف في تلك الفترة القصيرة: مجنون ليلى، وقميز، وعلي بك الكبير، والبخيلة، والست هدى، وفي مساء 13 تشرين الأول/أكتوبر عام 1932م أفلت شمس الشاعر المبدع أحمد شوقي، وسلّم الروح وسط ذهول الحاضرين عنده والذين حاولوا إنقاذه من ضيق النفس ونوبة السعال التي أصابته، وتلقى العرب في جميع الأقطار نبأ وفاة شوقي بالحزن الشديد، ونعته الصحف والمجلات، وظلوا يتحدثون عن شعره وعن حياته لفترة طويلة، كما ورثاه الأدباء والشعراء بكل ألم وأسى، وحين دُفن كُتب على قبره بيتان من قصيدة (نهج البردة) التي نظمها في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان قد وصى بذلك قبل موته، وهذان البيتان هما:

يَا أحمدَ الخَيْرَ، لي جاهٌ بِتَسْمِيَتي

وَكَيْف لا يَتَسامى بالرَّسولِ سَمِيّ؟

إنْ جَلَّ ذَنْبِي عَنِ الغُفْرانِ لي أمَلٌ

فِي اللهِ يَجْعَلُنِي في خَيْرِ مُعْتَصمِ

أبيات من قصائد الشاعر أحمد شوقي

الأبيات الآتية من قصيدة (مضناك جفاه مرقده)

مُضناك جفاهُ مَرْقَدُه

وبكاه ورَحَّمَ عُوَّدُهُ

حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ

مقروح الجفنِ مسهَّدُه

أودى حرفاً إلا رمقاً

يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ

يستهوي الوُرْق تأوُّهه

ويذيب الصخرَ تنهُّدهُ

 

الأبيات الآتية من قصيدة (هذي المحاسنُ ما خلفتَ لِبُرقُع).

ضُمّي قِناعَكِ يا سُعادُ أَو اِرفَعي

هَذي المَحاسِنُ ما خُلِقنَ لِبُرقُعِ

الضاحياتُ، الباكياتُ، ودونَها

ستر الجلالِ، بعدُ شأو الملطع

يا دُمْيَةً لا يُستزاد جمالُها

زيديه حُسْنَ المُحْسِن المتبرِّع

ماذا على سلطانِه من وقفة

للضَّارعين، وعَطْفةٍ للخُشَّع؟

 

الأبيات الآتية من قصيدة (ريم على القاع بين البان والعلم).

ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ

أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ

رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا

يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ

لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً

يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي

جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي

جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ

 

منقول عن mawdoo3.com مشكورا