آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

محمود درويش

حكم محمود درويش

هل في وسعي أن أختار أحلامي، لئلا أحلم بما لا يتحقق.

أمّا أنا، فسأدخل في شجر التوت حيث تحوّلني دودة القزّ خيط حرير، فأدخل في إبرة إمرأة من نساء الأساطير، ثمّ أطير كشال مع الريح.

والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطالهم.. يلقي عليهم نظرة ويمر.

أتيت ولكني لم أصل.. وجئت ولكني لم أعد.

أحببتك مرغما ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق فعاشق الجمال في العادة أحمق.

سأصير يوماً ما أريد.. سأصير يوماً طائراً، وأسلّ من عدمي وجودي.. كلّما إحترق الجناحان إقتربت من الحقيقة، وإنبعثت من الرماد.. أنا حوار الحالمين، عزفت عن جسدي وعن نفسي لأكمل رحلتي الأولى إلى المعنى، فأحرقني وغاب.. أنا الغياب.. أنا السماويّ الطريد.

وليس لنا في الحنين يد.. وفي البعد كان لنا ألف يد.. سلام عليك، إفتقدتك جدًا.. وعليّ السلام فيما إفتقد.

في اللامبالاة فلسفة، إنها صفة من صفاة الأمل.

ولنا أحلامنا الصغرى، كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة.. لم نحلم بأشياء عصية.. نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية.

النسيان هو تدريب الخيال على إحترام الواقع.

هناك حب يمر بنا فلا هو يدري ولا نحن ندري. من سوء حظي نسيت أن الليل طويل ومن حسن حظك تذكرتك حتى الصباح.

علموك أن تحذر الفرح لأن خيانته قاسية.

لم يبق في اللغة الحديثة هامش للإحتفال فكل ما سيكون كان.

لا أتذكر قلبي إلا إذا شقه الحب نصفين أو جف من عطش الحب.

ليتنا إستطعنا أن نحب أقل كي لا نتألم أكثر.

خفيفة روحي وجسمي مثقل بالذكريات وبالسكان.

سأمدح هذا الصباح الجديد.. سأنسى الليالي كل الليالي وأمشي إلى وردة الجار أخطف منها طريقتها في الفرح.

الليل يا أماه ذئب جائع سفاح يطارد الغريب أينما مضى.

أعرف مهما ذهبت مع الريح كيف أعيدك.. أعرف من أين يأتي بعيدك فأذهب.

قل للغياب نقصتني وأنا أتيت لأكملك.

ما أشد سعادة المرء حين لا يودع أحداً ولا ينتظر أحداً.

وكلما فتشت عنهم لم أجد فيهم سوى نفسي الغريبة.

لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا.. ولكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرنا أفضل من غدنا.. يا لهاويتنا كم هي واسعة.

حين عطشت طلبت الماء من عدوي ولم يسمعني فنطقت باسمك وارتويت.

ما أجمل الصدفة.. إنها خالية من الإنتظار.

أحب الحديث معك رغم أني لا أملك ما أقول.

هل كان علينا أن نسقط من علو شاهق ونرى دمنا على أيدينا لندرك أننا لسنا ملائكة كما كنا نظن.

فإن أسباب الوفاة كثيرة من بينها وجع الحياة.

ولا نتوب عن أحلامنا مهما تكرر إنكسارها.

بكل ما أوتيت من فرح أخفي دمعتي.

أمي.. لن أسميك إمرأة سأسميك كل شيء.

وتشابهت أنت وقهوتي.. باللذة والمرارة والإدمان.

أريدك عندي خيالاً يسير على قدمين وصخر حقيقة يطير بغمزة عين.

سأبقى أحبك راحلاً إليك.. إن كان في الماء فلا أخشى الغريق وإن كان في اليابسة فلا أهاب سيوف الطريق.

عيناك نافذتان على حلم لا يجيء وفي كل حلم أرمّم حلماً وأحلم.

آه يا جرحي المكابر وطني ليس حقيبةً وأنا لست مسافراً.. إنني العاشق والأرض حبيبة.

وقلت له مرة غاضباً كيف تحيا غداً.. قال لا شأن لي بغدي إنه فكرة لا تراودني وأنا هكذا هكذا لن يغيرني أي شيء كما لم أغير أنا أي شيء فلا تحجب الشمس عني.. فقلت له: لست إسكندر المتعالي ولست ديوجين فقال: ولكن في اللامبالاة فلسفة إنها صفة من صفات الامل.

في البيت أجلس لا سعيداً لا حزيناً بين بين.. ولا أبالي إن علمت بأنني حقاً أنا أو لا أحد.

إنني أحتفل اليوم بمرور يوم على اليوم السابق.. وأحتفل غداً بمرور يومين على الأمس.. وأشرب نخب الأمس ذكرى اليوم القادم.. هكذا أواصل حياتي.

ربما ماتت.. فإن الموت يعشق فجأة مثلي وإن الموت مثلي لا يحب الإنتظار.

وأنت تفكر بالآخرين البعيدين فكر بنفسك.. قل ليتني شمعة في الظلام.

أنا إمرأة لا أقل ولا أكثر فكن أنت قيس الحنين إذا شئت.. أما أنا فيعجبني أن أحب كما أنا لا صورة ملونة في الجريدة أو فكرة ملحنة في القصيدة بين الأيائل.. أسمع صرخة ليلى البعيدة من غرفة النوم: لا تتركيني سجينة قافية في ليالي القبائل.. لا تتركيني لهم خبراً أنا امرأة لا أقل ولا أكثر.

ما بين دقيقة أقر فيها النسيان ودقيقة أحاول تجربة ذلك مجازر تقام في داخلي ولا تتوقف.

أخاف العيون التي تستطيع إختراق ضفافي.. فقد تبصر القلب حافي.. أخاف إعترافي.

أنا من هناك ولي ذكريات.. ولدت كما تولد الناس.. لي والدة وبيت كثير النوافذ.. لي إخوة.. أصدقاء.. وسجن بنافذة بارده.. ولي موجة خطفتها النوارس.. لي مشهدي الخاص.. لي عشبة زائده.. ولي قمر في أقاصي الكلام، ورزق الطيور، وزيتونة خالده.

 

 

1) محمود درويش

محمود درويش هو أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني  التي تم إعلانها في الجزائر.


 

المولد والنشأة

محمود درويش هو الشاعر الفلسطيني الذي ولد في عام  1941م في دولة  فلسطين، وقد تم ترحيل الشاعر إلى لبنان ولكنه كان يعشق بلاده كثيراً، الأمر الذي اضطره إلى الرجوع إلى فلسطين متخفياً ثم أكمل دراسته بها، وقد تم إعتقاله أكثر من مرة.

 

ولد عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل  قرب ساحل عكا، حيث كانت أسرته تملك أرضًا هناك. خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان، ثم عادت متسللة عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة،  لتجد القرية مهدمة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية إسرائيلية)"أحيهود". وكيبوتس يسعور  فعاش مع عائلته في القرية الجديدة.




 

الوظائف والمسؤوليات

بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة بني الثانوية في كفرياسيف انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب  مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفًا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام.

 

الدراسة والسياسة

اُعتُقِل محمود درويش من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدءًا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة،  وانتقل بعدها لاجئًا إلى القاهرة حيث عمل في جريدة الاهرام في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية،  ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا أنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية .

 

الجوائز التي حصل عليها محمود درويش

حاز الشاعر على عدد كبير من الجوائز ومنها جائزة لوتس وجائزة لوحة أوروبا للشعر وكذلك حصل على جائزة ابن سينا وجائزة درع الثورة الفلسطينية، وقد ألف الكثير من الشعر أهمها  عاشق من فلسطين ويوميات جرح فلسطين.


 

المؤلفات

درويش، محمود. ديوان محمود درويش. بيروت: دار العودة، 1994.

درويش، محمود. أنا الموقع أدناه. بيروت: دار الساقي، 2014.

درويش محمود. خطب الدكتاتور الموزونة. حيفا: دار راية، 2013.

درويش، محمود. الأعمال النثرية. بيروت: دار العودة، 2009.

درويش، محمود. لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي : الديوان الأخير. بيروت: رياض الريس، 2009.

درويش، محمود. مختارات لي لغة بعدي. بيروت: رياض الريس، 2009.

درويش، محمود. محمود درويش مقالات وحوارات (1970-1961)، جمع وتقديم محمد خليل. كفر قرع: دار الهدى، 2009.

درويش، محمود. أقول لكم. بيروت: دار العودة، 2008.

درويش، محمود. آن لي أن أعود. بيروت: دار العودة، 2008.

درويش، محمود. أثر الفراشة : يوميات. بيروت: رياض الريس، 2008.

درويش، محمود. حيرة العائد : مقالات مختارة. بيروت: رياض الريس، 2007.

درويش، محمود. يوميات الحزن العادي. ط. 4. بيروت: رياض الريس، 2007.

درويش، محمود. في حضرة الغياب : نص. رام الله: دار الشروق، 2006.

درويش، محمود. كزهر اللوز أو أبعد . طبعة خاصة. رام الله: دار الشروق، 2005.

درويش، محمود. لا تعتذر عما فعلت. بيروت: دار الريس، 2004.

درويش، محمود. حالة حصار. بيروت: دار الريس، 2002.

درويش، محمود. جدارية. بيروت: دار الريس، 2000.

درويش، محمود. سرير الغربة. بيروت: دار الريس، 1999.

درويش، محمود. لماذا تركت الحصان وحيدا. بيروت: دار الريس، 1995.

درويش، محمود. ديوان محمود درويش. ط. 14. بيروت: دار العودة، 1994.

درويش، محمود. ذاكرة النسيان. ط. 6. بيروت: دار العودة، 1994. (نشرت الطبعة الأولى عام 1987).

درويش، محمود. عابرون في كلام عابر. ط. 2. بيروت: دار العودة، 1994.

درويش، محمود. ورد أقل. ط. 6. بيروت: دار العودة، 1993.

درويش، محمود. أحد عشر كوكبًا. ط. 4. بيروت: دار العودة، 1993.

درويش، محمود. هي أغنية، هي أغنية. ط. 4. بيروت: دار العودة، 1993.

درويش، محمود. أرى ما أريد. ط. 3. بيروت: دار العودة، 1993.

درويش، محمود. أعراس. ط. 3. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1977).

درويش، محمود. حصار لمدائح البحر. ط. 5. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1984).

درويش، محمود. تلك صورتها وهذا انتحار العاشق. ط. 6. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1975).

درويش، محمود. محاولة رقم 7. ط. 7. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1973).

درويش، محمود. العصافير تموت في الجليل ط. 8. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1969).

درويش، محمود. أوراق الزيتون ط. 11. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1964).

درويش، محمود. حبيبتي تنهض من نومها ط. 8. بيروت: دار العودة، 1993. (نشرت الطبعة الأولى عام 1970).

درويش، محمود. حبيبتي تنهض من نومها. القدس: منشورات العربي، 1977.

درويش، محمود والقاسم، سميح. الرسائل. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 1990.

 

بعض المقالات والحوارات الصحفية

درويش محمود. "الشعر حرفة وهواية". الكرمل: فصلية ثقافية تصدر عن مؤسسة الكرمل الثقافية، 79 (ربيع، 2004): 198-207.

درويش محمود. "كلام في الشعر". الكرمل: فصلية ثقافية تصدر عن مؤسسة الكرمل الثقافية، 78 (شتاء، 2004): 178-195

درويش محمود. "طباق: قصيدة". الكرمل: فصلية ثقافية تصدر عن مؤسسة الكرمل الثقافية، 81 (خريف، 2004): 68-79.

درويش محمود. "المطر الناعم في خريف بعيد: قصيدة". الفكر الجديد: أدبية ثقافية شهرية، 6 (2003): 158.

درويش محمود. "محمد ... يسوع صغير في قلب أيقونة". الأسوار: للأبحاث الفكرية والثقافة الفلسطينية، 22 (2001): 32-34.

درويش محمود. " حوار مع محمود درويش عن السياسة والشعر وتجربة الموت". مجلة الدراسات الفلسطينية، 48 (خريف، 2001): 7-23.



الوفاة

توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008  بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء في مستشفى "ميموريال هيرمان" (بالإنجليزية: Memorial Hermann Hospital)‏ نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته.


المراجع

جمال بدران، محمود درويش : شاعر الصمودوالمقاومة، الدار المصرية-اللبنانية، القاهرة ،1999،ط1،ص100.

 

حيدر بيضون، محمود درويش:شاعر الأرض المحتلة، دار الكتب العلمية، لبنان،1991،ط1،ص6.

 

جمال بدران، محمود دويش:شاعر الصمود والمقاومة، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة،1999،ط1،ص100.

 

مواسي فاروق: محمود درويش- قراءات في شعره. دار الهدى للطباعة- كفر قرع- 2001.

 

 الموت يختطف الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش/ إيلاف - على موقع واي باك مشين.

 

محمود درويش، الجزيرة نت - على موقع واي باك مشين.

 

(بتصرف)

 

2) محمود درويش الشّاعر الفلسطينيّ

محمود درويش هو أحد أبرز الشُّعراء العرب عامّة والفلسطينيّين خاصّة، والمعروف بأشعاره الوطنيّة والقوميّة الممزوجة بالحبّ والمُلازِمة له عند ذكر اسمه، كما يُعدّ درويش أحد الشُّعراء الذين أضافوا إلى الأدب العربيّ الحديث خاصّة في جانب الدّلالات الرّمزيّة فيه، حيث كانت قصائده على قدر عالٍ من الأدب الرّفيع بالإضافة إلى أنّ كان ناقداً جيّداً، وعَمِل كذلك صَحَفيّاً لدى العديد من المجلّات، فكانت له الكثير من المقالات المُختلفة فيها والتي دائماً ما كان يتخلّلها مُفردة الوطن وكُلّ ما يرتبط بهذه المُفردة من الحبّ، والحنين، والقضيّة، والأدب، والنّقد، لذا تمّت ترجمة قصائد درويش إلى لغات مُختلفة، ومن الجدير بالذِّكر أنّه قد حصل على العديد من الجوائز، مثل: جائزة الّلوتس، وجائزة ابن سينا، وجائزة لينين، والعديد من الجوائز الأخرى العالميّة، والأوسمة.

مولد ونشأة الشّاعر محمود درويش

وُلد محمود درويش في الثّالث عشر من شهر آذار لعام 1941م في إحدى قُرى فلسطين اسمها "البروة"، وهي قرية صغيرة تقعُ على بُعد 9كم من مدينة عكّا وتشتهر بعدد سُكّانها القليل الذي لا يتجاوز 2000 نسمة، بالإضافة إلى وجود التّلال الصّخريّة التي تقع أعلاها، ووالد درويش اسمه "سليم درويش"، وهو رجلٌ بسيط عمل بالفِلاحة فقط، وأمّه من قرية "الدّامون"، والتي كانت لا تعرف القراءة ولا الكتابة؛ إلّا أنّ والدها كان عُمدة قرية الدّامون واسمه "أديب البقاعيّ"، وكان درويش الابن الثّاني في عائلته التي تتكوّن من ثمانية أبناء، خمسة منهم أولاد والبقيّة بنات، وقد كان الابن الأكبر للعائلة اسمه "أحمد" الذي تأثّر به درويش في بداياته الأدبيّة لأنّه كان يُعنى بالأدب ويُبدي اهتمامه به، بالإضافة إلى أنّ أخاه زكي كان كاتباً في المجال القصصيّ، أما بالنسبة لمحمود درويش فلم يبقَ في قريته تلك إنّما غادرها ليعمل مُعلّماً في قرية تُسمّى "الجديدة".

تعليم محمود درويش وأولى خطواته في الشِّعر

كان محمود درويش أثناء مرحلته التّعليميّة المدرسيّة مُتفوّقاً في دراسته، وكانت بوادر اهتمامه في الأدب العربيّ واضحة في تلك الفترة؛ فكان يُكثر من المُطالعة في الأدب، ويحاول كتابة الشِّعر، ومن الجدير بالذِّكر أنّه قد اعتنى بالرّسم كموهبة كان يمتلكها في ذلك الحين، إلّا أنّه توقّف عن مُمارستها لما تحمله من نفقات ماديّة لا يستطيعها والده، أمّا دفاتر الكتابة التي يملكها فكان يحصل عليها بصعوبة، فكيف بتكاليف أدوات الرّسم؟، ومع أنّ ذلك أحزنه إلّا أنّه انتقل للشِّعر كجانب آخر يُعوّضه عن الرّسم الذي كان يُحبّه، فالشِّعر لا يحتاج ما يحتاجه الرّسم من النّفقات، وهكذا كانت أولى تجارب درويش في كتابة الشِّعر، من خلال سرده عواطف الطّفولة ومشاعرها، بالإضافة إلى محاولاته في الكتابة عن أمور أكبر من طاقته كطفل.

كان لبعض مُعلّمي درويش دور بارز في تشجيعه على الكتابة، ولذلك بقي مديناً لهم بالعرفان والجميل حتّى آخر عمره، خاصّة أولئك الذي ساعدوه في بدايته الشِّعريّة، وكان قد ذكر منهم معلّمه "نمر مرقس" كأحد الذي قدّموا له العون في مرحلته تلك، واستمرّ محمود درويش في تعلميه حتّى أكمل الثّانويّة العامّة لكنّه لم يستطع إكمال مسيرته التّعليميّة الجامعيّة، فانتقل إلى العمل ككاتب في الصُّحف والمجلّات كمهنةٍ يحترفها، فعمل في صُحف الحزب الشّيوعيّ، بالإضافة إلى عمله في مجلّة الفجر الأدبيّة، وفي عام 1970م انتقل درويش مُسافراً إلى مُوسكو لإكمال تعلميه الجامعيّ، ثمّ انتقل عام 1971م إلى القاهرة، فمكث فيها سنوات قليلة، وبعد ذلك سافر إلى العديد من الدّول الأوربيّة والعربيّة، وحصل فيها على مناصب رفيعة في الجانب الإعلاميّ والسّياسيّ لكونه أحد أهمّ شعراء فلسطين.

عمل محمود درويش والمناصب التي شغلها

عمل محمود درويش في مناصب مُختلفة أولّها في التّحرير لدى مُختلف الصُّحف العربيّة مثل جريدة الاتّحاد لحزب "راكاح"، كما كان له عضويّة فيها منذ 1961م، بالإضاقة إلى أنّه عمل مُحرّراً في بيروت مع مجلّة الشّؤون الفلسطينيّة حتّى عام 1982م، ثمّ أصبح رئيساً للتحرير في قبرص لمجلّة الكرمل المُسّماة باسم "نيقوسيا"، ومن الجدير بالذِّكر أنّ مجلة الكرمل الفلسطينيّة كانت قد أُسِّست عام 1981م وكانت تشمل كافّة الجوانب الأدبية، بالإضافة إلى اعتنائها بالفنون الأدبيّة جميعها، لذلك حظيت بشعبيّة كبيرة في كافّة دول العالم وعند مُختلف التّيارات الفكريّة.

اعتُبرت مجلّة الكرمل ناشطة في جانب نقل التّراث العالميّ إلى الّلغة العربيّة من خلال عمليات التّرجمة للقصص، والرّوايات، والمقالات، والشِّعر، والتي شارك فيها العديد من مُترجمي الوطن العربيّ، من سوريا، والمغرب، وتونس، ومِصر، وفلسطين، كما امتلكت في حصيلتها أثناء الثّلاثين عاماً تسعين عدداً مُختلفاً، وساهمت في فتح أبواب البحث العلميّ والتّعريف بمجموعة من الأدباء، والمُفكّرين، والمُحاضرين من شتّى جامعات العالم، وقد واصل درويش عمله في الصّحافة حتّى عام 2002م، وكان إلى جانب عمله فيها يكتب المقالات على اختلاف أنواعها،

ومن المناصب التي شغلها درويش كذلك رئاسة رابطة الكُتّاب والصّحفيّين الفلسطينيّين.

آثار محمود درويش الشِّعريّة

تحظى أشعار محمود درويش بانتشار واسع لما زاره من مُختلف دول العالم، ولأنّ دواوينه ساهمت في إضافات عديدة للأدب العربيّ بشكل عامّ والأدب المُعاصر بشكل خاصّ فتلقت رواجاً كبيراً لدى فئات وأجيال مُختلفة، وكانت منهلاً للدّارسين في الأدب، وكلمات يُستطاب غناؤها لدى الفنانين،

وفيما يلي الدّواوين الشِّعريّة لمحمود درويش:

 عصافير بلا أجنحة مطبعة كومرتسئيل، عكّا 1960م

 أوراق الزيتون مطبعة الاتّحاد التّعاونيّة، حيفا 1964م

عاشق من فلسطين مكتبة النّور، حيفا 1966م

آخر الّليل مطبعة الجليل، عكّا 1967م

يوميّات جرح فلسطينيّ دار العودة، بيروت 1969م

العصافير تموت في الجليل دار الآداب، بيروت 1970م

كتابة على ضوء بندقيّة دار العودة، بيروت 1970م

حبيبتي تنهض من نومها دار العودة، بيروت 1970م

مطر ناعم في خريف بعيد مطبعة ومكتبة الجليل، عكّا 1970م

أحبُّك ولا أحبُّك دار الآداب، بيروت 1972م

محاولة رقم 7 دار العودة، بيروت 1973م

تلك صورتها وهذا انتحار عاشق دار العودة، بيروت 1975م

أعراس دار العودة، بيروت 1977م

مديح الظّلّ العالي دار العودة، بيروت 1983م

حِصار لمدائح البحر دار العودة، بيروت 1984م

هي أغنية هي أغنية دار الكلمة، بيروت 1986م

ورد أقلّ دار العودة، بيروت 1986م

أرى ما أريد دار الجديد، بيروت 1990م

أحد عشر كوكباً دار الجديد، بيروت 1992م

لماذا تركت الحصان وحيداً رياض الريس، بيروت 1995م

سرير الغريبة رياض الريس، بيروت 1999م

جدارية رياض الريس، بيروت 2000م

حالة حِصار رياض الريس، بيروت 2002م

لا تعتذر عمّا فعلت رياض الريس، بيروت 2004م

كزهر الّلوز أو أبعد رياض الريس، بيروت 2005م

أثر الفراشة رياض الريس، بيروت 2008م

لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي، وهو الدّيوان الذي صدر بعد وفاته رياض الريس، بيروت 2009م

آثار محمود درويش النّثريّة

نذكر أعمال محمود درويش في النّثر على النّحو التّالي

 شيء عن الوطن 1971م

يوميّات الحزن العاديّ 1973م

وداعاً أيّتها الحرب، وداعاً أيّها السّلام 1974م

ذاكرة للنسيان 1987م

في وصف حالتنا 1987م

في انتظار البرابرة 1987م

الوسائل محمود درويش و سميح القاسم 1989م

عابرون في كلام عابر 1991م

في حضرة الغياب 2006م

حيرة 2007م

أثر الفراشة 2008م

مذهب محمود درويش في الشِّعر

يُعدّ الشّاعر محمود درويش أحد شُعراء قصيدة الشِّعر المُعاصر، فمن الجدير بالذِّكر أنّ القصيدة المُعاصرة تعاقبت على العديد من أجيال الشُّعراء التي كانت ثلاثة، أولّها جيل الأربعينيّات، ثمّ جيل الخمسينيّات، وآخرها جيل السّتينيّات، فيُعدّ درويش من أصحاب الجيل الثّاني، وهو جيل الخمسينيّات، إذ قام شعراء الثّلاثة أجيال بمحاولاتهم في مجال التّصوير الموسيقيّ للقصيدة العربيّة في تجاربهم المختلفة، وذلك تحت مظلّة الفلسفة الجماليّة، وبحسب رؤية النّاقد عزّ الدّين إسماعيل فهي فلسفة تُؤمن بأهميّة الواقع النّفسيّ في الفنّ، والحياة معاً، كما يُرى أثر تعلّق القصيدة العربيّة المُعاصرة بالجانب السّياسيّ، والاجتماعيّ، والاقتصاديّ، والثّقافيّ، وغيرها من الجوانب المختلفة، فكانت القصيدة على مقرُبة من الطّابع العصريّ ومحتوياته، وهذا ما جعل الشّعراء يتلّمسون قضايا العصر ومضامينه، ومن مظاهر ذلك ارتباط الشِّعر المُعاصر بفلسطين كأداة للتّعبير عن قضيّتها، فكان درويش ممّن كتبوا فيها ومثله الشّاعر سميح القاسم، والشّاعرة نازك الملائكة.

 سِمات التّجربة الشِّعريّة عند محمود درويش

تنقّل شِعر محمود درويش في مراحل تدريجيّة حتّى وصل ذروته الأدبيّة، فكانت بدايته الشِّعريّة مصحوبة بالبساطة، سواء في المعاني أم الأفكار المحدودة، أم حتّى في تعبيره الفنيّ المُباشر الذي رافقه التّصوير الشعريّ التّقليديّ، ومن الجدير بالذِّكر أنّ درويشاً كان مُتأثرّاً بأشعار من قَبله، مثل شعر عمر بن أبي ربيعة، والمُتنبي في شِعر المُفاخرة، ثمّ انتقل إلى مرحلة ناضجة فنيّاً، إذ أصبحت أشعاره تميل إلى كونها أكثر رِقّة؛ وذلك إثرَ تأثُره بشُعراء الحركة الرّومانسيّة، مثل: علي محمود طه، وابراهيم ناجي، وغيرهما. وفي آخر سنوات حياته كان لدرويش تحوّل آخر في شِعره، فَعَمد إلى الجمال الأخّاذ والمُبدع في شِعره، فكان للحُبّ حيز واضح في شِعره، إلّا أنّه استخدمه كمُفردة عامّة وشاملة فيه، بالإضافة إلى أنّه ربطه ربطاً وثيقاً بقضيّة وطنه، لذلك وَصَف الحُبّ بأنّه طريق محفوف بالشّوك مُشيراً بذلك إلى النّضال.

شهد لتطوّر شِعر محمود درويش الكتاب عميش العربيّ في كتابه "القيم الجماليّة في شعر درويش"، فقال فيه: "فقد ساقت ضرورة التّجاوب مع الواقع المفروض بوادر الاستعداد لتدرّج الرُّؤية الشِّعريّة الدّرويشيّة نحو الاكتمال الفنيّ، مما يحول له تَبَوُّء السّمعة الّلائقة به بين أعلام الشِّعر العربيّ المُعاصر"، لذا عُدّ شِعر محمود درويش نموذجاً مِثاليّاً للشّاعر العربيّ خاصّة في تطّوره على مدى مراحل حياته، ومن الأمور التي ساهمت في نُمو شِعره قضيّة وطنه كذلك ما يُواجهه العصر من اختلافات في القيم، والأنظمة، والموازين، بالإضافة إلى حال الإنسان الجديد الذي لا يُدرك قيم العدل، والحُريّة، والحقّ، والاستقرار، وإضاعته طريقه الصّحيح وفقدانه لقيمه، ويُمكن تقسيم المراحل الانتقاليّة لشِعر محمود درويش التي مرّ فيها على النّحو التّالي:

المرحلة الرّومانسيّة: كانت مُتمثّلة في مرحلة السّتينيّات.

المرحلة الإنسانيّة: كانت مُتمثّلة في مرحلة السّبعينيّات.

المرحلة الوُجوديّة والفلسفيّة: كانت قد بدأت من الثّمانينيّات وحتّى نهايته.

سمات أسلوب ولُغة محمود درويش

تتميّز قصائد محمود درويش باحتوائها على الدّلالات الكثيفة والمُبهمة التي لا يستطيع القارئ فهم المعنى المُراد منها سريعاً إلّا بعد التّمحيص الذي يسبقه مُعاناة في تأويل المعنى، ثمّ التّفاعل مع أشعاره تفاعلاً جيّداً يُفضي إلى الدّخول إلى تفاصيل حياته، والخوض في الأحداث المُترابطة التي يُعبّر عنها في شِعره، ثمّ الوُقوف على البُنية الخارجيّة له تحت مظلّة "المعنى والمبنى"، ثمّ "المعنى، والمعنى المُراد من المعنى"؛ لأنّ درويش كان يبتعد كلّ البعد عن إظهار المُفردات إظهاراً تسهل معه معرفته.

نصّ نثريّ لمحمود درويش فيما يلي نصّ مُقتبس من العمل النّثريّ "أثر الفراشة" لمحمود درويش:

"لولا حاجتي الغامضة إلى الشِّعر لَمَا كنت في حاجة إلي شيء ـيقول الشاعر الذي خَفَّتْ حماسته فقلَّت أخطاؤه. ويمشي لأنّ الأطبّاء نصحوه بالمشي بلا هدف، لتمرين القلب على لامبالاةٍ ما ضروريةٍ للعافية. وإذا هجس، فليس بأكثر من خاطرة مجانيّة. الصّيف لا يصلُح للإنشاد إلّا في ما ندر. الصّيف قصيدةٌ نثريَّةٌ لا تكترث بالنّسور المُحلِّقة في الأعالي".

وفاة الشّاعر محمود درويش

وافت المنيّة الشّاعر محمود درويش أثناء مُكوثه الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، وذلك يوم السّبت في التّاسع من شهر آب لعام 2008م، ودُفن بعد نقل جُثمانه في رام الله تحديداً في قصرها الثّقافيّ في الثّالث عشر من شهر آب، كما سُمّي القصر باسمه لاحقاً تخليداً لذكراه، فأصبح "قصر محمود درويش للثّقافة"، وشهِدت جنازته آلافاً من أبناء الشّعب الفلسطينيّ، بالإضافة إلى أهله والعديد من الشّخصيّات، ومن الجدير بالذِّكر أنّ وفاة درويش حصلت بعد عملية القلب المفتوح التي أجريِت له في مركز تِكساس الطّبيّ في مدينة هيوستن، فبعد إجراء العمليّة دخل في غيبوبة طويلة حتّى أتى أجله، وكان قد أوصى أن تتمّ إزالة أجهزة الإنعاش عنه في حالة دخوله في غيبوبة تُفضي إلى موته فكان له ذلك، وتمّ القيام بذلك من قِبل الأطبّاء في مُستشفى ميوريال هيرمان الإنجليزيّة، وبعد وفاته تمّ إعلان الحِداد عليه ثلاثة أيّام في جميع الأراضي الفلسطينيّة بناءً على قرار رئيس السُّلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس، وكان قد أشار حينها إلى أنّ محمود درويش هو "شاعر فلسطين".