العلماء و شيوخ السلاطين
اشتغل الفقهاء بجانب السلطان بوصفهم من "أهل الحلّ والعقد" فتكاثر جمهورهم
بينما اشتغل الفلاسفة والعلماء على هامش المؤسسة الرسمية، فكانوا نخبة محدودة جدا تستخدم العقل فتنتقد المؤسسات الدّينية الفاسدة
وهذا ما يفسر الاضطهاد الذي تعرض له جميع الذين اشتغلوا بنسق العلوم العقلية
كما يفسر السلطة التي كانت لدى فقهاء الدين والتي كانت تمنحهم إمكانية محاكمة الفلاسفة والمفكرين الآخرين واتهامهم بالزندقة والإلحاد والكفر وتحريض العامة و"الغوغاء" عليهم، بل واستصدار قرار إحراق كتبهم أحيانا وتعذيبهم و التنكيل بهم بل قتلهم في بعض الحالات.
منقول عن الباحث سامح عسكر
في الأديان القديمة كان الكهنة يحرصون على (حجب) أسرار الدين عن العامة، وتقديمه لهم على شكل شفرات معقدة غير مفهومة
كان الهدف حصر امتيازات الدين لهم وألا تصل المعارف النافعة لخصومهم ، ولمزيد من كسب تأييد الناس لا مانع من الدعوى الأخلاقية والحرص على الشعائر باعتبارها أصل الدين..
بمرور الزمن وفور خروج مفكرين ومناضلين تمردوا على الكهنة وحدث صراع انتهى بزوال تلك الأديان ونشوء أديان جديدة..وهلم جرا
اليوم كهنة الإسلام يفعلون نفس الشئ
يقدمون لك الدين على هيئة شفرات معقدة أسرارها عند (المتخصصين) والحقيقة كلمة التخصص تعني منع حصول العوام على المعرفة التي تمكنهم من التمرد أو المنافسة، ولا يدرون بأفعالهم أنهم سلكوا نفس سلوك الكهان منذ آلاف السنين ومصيرهم كسابقيهم.
معلومة: من كثرة وإفراط الكهنة في حجب المعارف عن العامة ارتبط الدين قديما (بالتنجيم)
لاحظ أن أدوات المُنجّمين هي نفسها أدوات الشيوخ ، يدعون الغيب والقدرات الخارقة ،شرعوا قوانين صارمة جدا تحكم علاقتهم بعامة الشعب فلا يجوز لك معارضة الكاهن أبدا..وإلا تعرضت للخطر سواء بالتكفير أو القتل، وصل الأمر لتقديسهم ورفعهم فوق رتبة الحكام أحيانا..بل منعوا حتى مجرد ذكرهم في خلوتك بسوء (لحوم العلماء مسمومة..!)
المعرفة هي الخطر الوحيد على الكاهن..وأدوات التواصل الآن أصبحت أفضل بحيث خلقت مجتمع بديل مواز لمجتمع الكهنة، هذا يضيق الدائرة عليهم بمرور الوقت حتى ينتهوا إما بذوبان ضمن مجتمع متنور جديد..وإما بصراع وجود مع رأي عام يكرههم
هم الآن من جهلهم غير مدركين لطبيعة ما يحدث، ما زالت علاقتهم بالسلطة تعمي بصيرتهم عن رؤية الواقع الذي لو عرفوه..ربما يدفنوا أنفسهم أحياء..