آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

القياس

1- القياس لغة

2- التعريف الاصطلاحي

3- القياس

4- مقال منقول عن الباحث سامح عسكر

 

 

1- القياس لغة

1-التقدير بمعنى معرفة قدر أحد الأمرين بالآخر

كقولنا قست الثوب بالذراع  وقست الأرض بالقصبة

فالتقدير نسبة بين شيئين تقتضي المساواة بينهما

ومنه قولنا قاس الطبيب الجراحة أي قدر الطبيب مدى غور الجرح.

 

2- المساواة بين الشيئين، سواء كانت

حسية: قست هذا الكتاب بهذا الكتاب

أم معنوية: فلان يقاس بفلان أي يساويه في الفضل والشرف والهمة.

 

2- التعريف الاصطلاحي

عرف الأصوليون القياس بعدة تعريفات فمنها تعريف الشافعية له وكثير من المحققين ومنهم الباقلاني وغيره وهو

"حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما في حكم أو صفة".

 

وقال صدر الشريعة ابن مسعود هو

تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع لعلة متحدة لاتدرك بجرد اللغة

 وأراد بالعلة المتحدة التي لاتدرك بالقياس الاحتراز عن دلالة النص والإجماع فإنه يدل على الحكم بذاته دون واسطة القياس

ولكن هذا التعريف لايدخل المعدوم والأول ليس شاملاً لأن القياس يثب حكماً للفرع مثل حكم الأصل لعلة جامعة بينهما لا أن أحدهما عين الآخر.

 

ولكن قد يكون أن أفضل تعريف له هو

"إلحاق أمر غير منصوص على حكمه الشرعي بأمر منصوص على حكمه لاشتراكهما في علة الحكم".

 

 وقال الجويني "هو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما معا في الحكم "[متن الورقات، ص16]

 

3- القياس

 في علم أصول الفقه هو الدليل الرابع عند مذهب أهل السنّة، بعد الكتاب و السنة و الإجماع

 يعد دليلا شرعيا عند عدم وجود دليل شرعي للحكم من نص من الكتاب والسنة والإجماع

فلا قياس مع النص.

 بينما يعتقد المذهب الشيعي الأثنى عشري ببطلان القياس الفقهي

حيث يتفقون مع أهل السنة في المصادر الثلاثة الأولى من مصادر التشريع ويختلفون معهم في المصدر الرابع

فالسنة تعتقد بالقياس والشيعة تعتقد بالعقل

 

4- مقال منقول عن الباحث سامح عسكر

بعيد عن تفصيل الشريعة ونبذ عمومياتها وجهل الفقهاء بكيفية تطبيقها في العصر الحالي

وفشل نماذجها المُجرّبة في السودان وأفغانستان والصومال..إلخ

وفشل تجاربها الاقتصادية في مصر بشركات توظيف الأموال..

لكن هناك ما هو أخطر ربما لا ينتبه له الفقهاء..

قواعد ونصوص الشريعة القديمة تؤخَذ بالقياس لغياب عقوبات أكثرية الجرائم عن النص الأصلي

فيُعاقبون على الفعل الخاطئ بالقياس على آخر دون تبيان حجم الضرر أو صحة العقاب على هذا الفعل

مثلا في القانون الجنائي الحالي

لا يُعاقَب من يبصق في وجه الآخر، بل على الضرب والجرح فقط، أو الأذى بواسطة السب والقذف

بينما قانون الشريعة يقيس فعل البصق على الأذى والضرب

فيُعاقِب الفاعل فورا بالجلد أو النفي والتعزير بأي وسيلة يراها الحاكم..

وهكذا تكون الشريعة الفقهية تعاقب على أدق وأصغر وأتفه الأخطاء..

وهذا ما حدث في كل الدول التي جربت الشريعة

والسبب فقدان النص الفقهي وبحث المشايخ في هذه الحالات سابقا..

فتكون النتيجة عقاب الشعب كله لأخطائه الصغيرة والتافهة..

يعني شريعة الفقهاء لا تؤمن ببشرية المواطن في الحقيقة بل تحاكمه على أنه (ملاك لا يجب أن يخطئ)

فإذا تسامح الشيوخ مع بعض الأفعال الصغيرة خرج من بينهم من يُزايد على إيمانهم وحقيقة تطبيقهم لشريعة الله..

فتكون النتيجة انشقاق فقهي ومذاهب جديدة وتعصب وإرهاب وتكفير..

وهذا ما حدث طوال التاريخ الإسلامي

فانشقاق المذاهب بالأساس نتج عن صراع فقهي في كيفية تطبيق الشريعة أولا..

ثم تعصب أصحاب هذه المذاهب لاجتهاداتهم في زمن آخر.

وهذا يعني أن عقاب الناس وفقا للشريعة فقط ونصوص الفقهاء السابقين يعني لدينا آلاف الجرائم والأخطاء (لا عقوبة عليها)

لتغير الظرف الاجتماعي والتاريخي وغياب الفتوى المناسبة لهذا التغيير

وهذا كان يوقع الفقهاء في حرج عندما تحدث جرائم وأخطاء تؤدي إلى ظلم إنسان

فيفتح الفقيه كُتب الفقه ليبحث عن عقوبة مناسبة (لا يجد)

فيقول هذا الفعل ليس لدينا من الشريعة وعقابه سيكون وفقا لرؤية وليّ الأمر..

ومن هنا خرج ما يسمى ب (التعزير) أي سلطة لولي الأمر بعقاب ما يراه مناسبا حتى لو لم يكن له نص

فجعلوا الحكام آلهة (قضاه ومنفذين في ذات الوقت)

 

ما بالك لو الحاكم أو أيٍ من أتباعه كان أحد المختصمين وقتها يكون التعزير في منتهى الشراسة والقسوة (كالقتل)

وهنا خرجت عقوبة ما تسمى (القتل تعزيرا)

وهي عقوبة اخترعها المشايخ لخدمة الحكام ولأهداف سياسية محضة.

 

فمثلا: قبل عصر محمد علي باشا في القرن 19 م بمصر لم يكن هناك قوانين تعاقب على حرق الأجران وإخفاء اللصوص وكسر سواقي الفلاحين وتسريح الماشية في أرض الغير..هذه أمور لم تناقشها الشريعة التي خرجت في معظمها بمجتمع صحراوي

بينما البيئة المصرية الزراعية يلزمها قانون زراعي غير موجود في الفقه

فأصدر محمد علي سنة 1830م ما يسمى (قانون الفلاحة) للعقاب على هذه الأمور التي لم يتضمنها الشرع

وبالتالي أوقف جريمة المشايخ في إيكال العقوبة للحاكم تعزيرا..

وهذه كانت بداية تخلي الفقهاء عن شريعة القدماء وبدء النظر فيها بعين النقد

لأن هذه الجرائم أساسا لم تكن فيها عقوبات في الشريعة سوى (بالقياس اللي اتكلمنا عليه)

 

سنة 1837م صدر قانون آخر يسمى قانون "سياستنامة" ليعاقب الموظفين على تزييف العملة والتزوير في الأوراق الرسمية..

وهذه كانت جرائم لا عقوبة عليها

لأن الشريعة ظهرت في وقت لم يكن فيها عُملة متداولة شعبيا ولا جرائم تزوير أوراق

كون الدولة وقتها لم تكن تسير أمورها بأوراق رسمية كما هي الآن بل بفرمانات وإعلانات شفوية تُحفظ عند القضاه

ولا يعلم بها الناس سوى عن طريق (المُنادي والطبلة)..

وهذه كانت أحد طرق تقديس الفقهاء قديما..ل

أن الفقيه كان مطلع على هذه الإعلانات والفرمانات فيكون متحكم في مصالح الناس ويقوم بدور أشبه (بالقاضي والمحامي) في زماننا

ونتيجة لهذا الاطلاع على الأسرار كانت تأتيه المنح من الأعيان والطبقة الوسطى

وأحيانا يفرض إتاوات على الفقراء نظير إعلامهم بمصير أخطائهم..

وهي الوجه الأقبح (للاستشارة القانونية)

 

أما في أواخر عصر محمد علي بدأ القانون الفرنسي يدخل مصر بالتوازي مع كثافة بعثات التعليم إلى باريس ومارسيليا، وبدأ الباشا الألباني في تطبيق القانون ليكون بديلا عن الشريعة..وبالطبع هذا أوجد نقمة ونفور من المشايخ بدعوى أنه انحراف عن شرع الله، وبعد موت محمد علي وإبنه إبراهيم وتولي عباس حلمي الأول حاول يرضي هؤلاء الشيوخ فألغى كثير من قوانين محمد علي وأفرج عن زعماء الوهابية في السجون وبدأ يُقرّب المشايخ الأزهريين ذوي النزعة المتشددة حوله حتى مات وتولى سعيد باشا والخديوين إسماعيل وتوفيق..

 

ويمكن اعتبار أن حقبة إسماعيل وتوفيق كانت هي (الفيصل) في التشريع المصري ، وهي المحطة التي انتقلت بها مصر من الشريعة القديمة – اللي تخلى عنها محمد علي بالتدريج – وبين الشريعة الحديثة والدولة الحديثة، فأصدر الخديوي إسماعيل إجراءات جنائية سنة 1875م، والخديوي توفيق للقانون الجنائي المصري عام 1883م والمقتبس في غالبيته العظمى من القانون الفرنسي، وتحت ضغط الفقهاء أوقف الخديوي توفيق العمل بالقانون الجنائي الجديد وتشاور مع الفقهاء لقوانين توافق الشريعة كما يطلبون فوصلوا إلى فكرة (اللجان الإدارية) وتعني تشكيل لجنة (فقهية وقضائية) للحكم في الجرائم طبقا للمنصوص عليها في أبواب الفقه، وعند تطبيق هذه اللجان ظهرت بمنتهى القسوة فاضطر الخديوي لإلغائها سنة 1889م وإعادة العمل بالقانون الجنائي وبدء تشكيل المحاكم الحديثة..

وبناء على فكرة المحاكم الحديثة وصلت مصر لجهة قضائية شعبية غير مذكورة في الشريعة أساسا وهي (النيابة) وفكرة وجودها أنه ليس من حق الشرطة والحاكم تحويل الشعب للقضاء بل هيئة (تنوب) عن الشعب..وبالتالي فالنيابة هنا متحدثة باسم الشعب..

 

أصحاب الإختصاص يريدون إلغاء كل ما سبق

يريدون إلغاء النيابة والقانون الجنائي والإجراءات الجنائية وتعديلات كل هذه القوانين طوال القرن 20 إلى اليوم

والقفز (للخلف) مئات السنين والعودة بمصر إلى شريعة الفقهاء قبل عصر محمد علي

اللتي هي أساسا قاصرة بذاتها ولا تعاقب على أكثرية الجرائم والجنح التي تحدث الآن دون بيان ماهيتها في الشريعة، ولغياب أصلها..

الفقهاء اخترعوا (التعزير) ليكون سلطة بيد الحاكم في معاقبة الناس كما يشاء دون نيابة و لا قضاء

 

خاتمة

لا حل للفقهاء دون اعتبار العقيدة هي الدين

أما الشريعة (فهي بشرية متغيرة) فلا يمكن حصر الدين في الشريعة

لأنها متغيرة بنص القرآن ومختلفة بين الشعوب

"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم "

[المائدة : 48]

يعني بنص القرآن فالشرائع متغيرة والمناهج غير ثابتة..

ومن يجعل هذه الشرائع والمناهج هي الدين يصبح (داعشي قولا واحدا)

كل همه أن يقيم حد الرجم والجلد والالتزام الحرفي بالنصوص

دون اعتبار للعدالة أو العقل أو ثوابت الدين بالكلية