المتنبي
أشهر أقوال المتنبّي
مقتطفات من أشعار المتنبّي
لايغرنكَ طول اللحى والصورُ ..فتسعة اعشار مما ترى بقرُ
اغاية الدين أن تحفو شَواربكم. .ياامة ضحكت من جهلها الأممُ
في شجر السرو لهم مثلاً. .له رواءٌ وليس له ثمرُ
قومأ اذا مس الِنعال وجوههم ..شكا النعالُ بأي ذنبٍ يُصفعُ
أنا الّذي نظر الأعمى إلى أدبي و أسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
مصائب قوم عند قوم فوائد
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم.
إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل.
حين رأيت الجهل بين الناس متفشياً تجاهلتُ حتى ظن أني جاهلُ.
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَا سَرجُ سابِحٍ وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ.
فلم أرى بدراً ضاحكاً قبل وجهها ولم ترَ قبلي ميتاً يتكلمُ.
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ.
ما كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا. إِذا استقبَلَتْ نَفسُ الكَرِيمِ مُصابَها بِخُبثٍ ثَنَتْ فإستَدبَرَتْهُ بِطِيبِ.
ومن يُنْفِقِ الساعاتِ في جمع مالهِ مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ.
إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزة فَلا تَظننَ أَنَّ الليثَ يَبْتَسم.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي
وَما أَنا بِالباغي على الحُبّ رِشوةً ضَعِيفُ يُبغى عليهِ ثَواب.
وإذا لم يكن من الموت بِدّ فمن العجز أن تموت جباناً.
الغنى في يد اللّئيم قبح قدر قبح الكريم في الإملاق
إذا المرء لا يرعاك إلّا تكلفاً، فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس إبدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا.
ومن نكد الدنيا على الحُر أن يرى عدواً له ما من صداقته بُدّ.
قد كان يمنعني الحياء من البكا فاليوم يمنعه البكا أن يمنعا.
لا تحسبنّ رقصي بينكم طرباً فالطير يرقص مذبوحاً من شدة الألمِ.
ذريني أنال ما لا ينال من العلا فصعب العُلا في الصعب والسهل في السهل.
أبداً تسترد ما تهب الدنيا فيا ليت جودها كان بخلاً.
وكُلُّ امرِىءٍ يُولي الجَمِيلَ مُحببٌ وكُل مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيبُ.
عش عزيزاً أو مت وأنتَ كريم بين طعن القنا وخفق البنود.
يا من يَعُزّ علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ.
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ أمّا الأحِبّةُ فالبَيداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ.
ولم أرى في عُيوبِ الناس شَيئاً كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ.
إذا كانتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ.
وَلمّا صَارَ وُدّ النّاسِ خِبّاً جَزَيْتُ على ابتسامٍ بابْتِسَام.
وما يوجع الحرمان من كفِ حارمٍ كما يوجع الحرمان من كف رازقِ.
اتقِّ الأحمق أن تصحبه إنّما الأحمق كالثوب الخَلقِ كلما رقّعت منه جانباً خرقته الريح وهناً فانخرق.
صَغُـرْتَ عَـنِ المـديحِ فقُلْـتَ أُهجَـى كــأَنَّكَ مـا صَغُـرْتَ عَـنِ الهِجـاءِ.
لو أن الحياةَ تَبْقَى لحيٍ لعدَدنا أضَلَّنا الشُّجعانا وإِذا لم يكنْ من الموتِ بدٌ فمن العجزِ أن تموتَ جبانا.
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام.
ولا تطمعنْ من حاسدٍ في مودةٍ وإِن كنتَ تبديها له وتنيلُ.
عدوُّك من صديقِكَ مستفادٌ فلا تستكثرَنَّ من الصحاب.
ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْباً.
النوم بعد أبي شجاع نافر والليل معي والكواكب ظلع.
قّيَّدْتُ نفسي في ذراك محبةً ومن وجدَ الإِحسانَ قيداً تقيداً.
نبكي على الدنيا وما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا.
لاخيل عندك تهديها ولا مال فليسعد المنطق إن لم يسعد الحال.
إذا كانتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ.
سيل الكآبة موصول بأوردتي وأنهر الحزن تجري في شراييني.
خُذ ما تَراه ودَع شَيئاً سمِعتَ بهِ في طَلعة البدرِ ما يُغنِيكَ عن زُحَلِ.
تمر بك الأبطال كُلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسمٌ.
وللسرِّ مِنّي مَوضِعٌ لا يَنالُهُ نَدِيمٌ وَلا يُفضِي إليهِ شَرابُ.
الهجر أقتل لي مما أراقبه أنا الغريق فما خوفي من البلل.
أظْمتنِيَ الدُّنْيا فَلَمّا جئْتُها مُستَسِقياً مَطَرَتْ عَـلَيّ مَصائِبـاً.
لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه. فَـالمَوْتُ أَعْذَرُ لي والصَّبْرُ أَجْمَلُ بي والبَرُّ أَوْسَعُ والدُّنْيا لِمَنْ غَلَبا.
أُُصَادِقُ نَفْسَ المَرْءِ قَبْلَ جِسْمِهِ وأَعْرِفُهَا فِي فِعْلِهِ وَالتَّكَلُّمِ.
حُسْنَ الحِضارةِ مَجلُوبٌ بِتَطْرِيٍة وفي البِداوةِ حُسْنٌ غَيرُ مَجلُوبِ. وفي تَعبٍ مَن يَحسُدُ الشَمسَ نُورَها ويَجهَدُ أَنْ يَأتي لَها بِضَرِيبِ.
وأظلمُ أهلِ الظلمِ من بات حاسداً لمن باتَ في نعمائه بتقلبُ. وَما الخَيلُ إلّا كالصَديقِ قَلِيلةٌ وإن كَثُرَت في عَيْنِ مَن لا يُجرِّبُ.
إذا غامَرْتَ في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم.
يهون علينا أن تصاب جسومنا وتسلم أغراض لنا وعقول.
إذا خَفيتُ على الغَبِيِّ فَعاذِرٌ أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْياءُ.
قبحاً لوجهكَ يا زمانُ فإِنّه وجهُ له من كلِّ قبحٍ برقعُ.
أَحلَى الهَوَى ما شكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ وفي الهَجْرِ فَهوَ الدَّهْرَ يَرجُو ويتَّقِي.
وإنْ تكُنْ تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرَهـا فإنَّ في الخَمرِ مَعنًى لَيسَ في العِنَبِ.
إِذا كنتَ ترضى أن تعيشَ بذلةٍ فلا تسعدَّنَّ الحُسامَ اليمانيا فلا ينفعُ الأسدَ الحياءُ من الطَّوى ولا تُتقى حتى تكونَ ضواريا.
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى رحتى يراق على جوانبه الدم.
لو أن الحياةَ تَبْقَىْ لحيٍ لعدَدنا أضَلَّنا الشُّجعانا وإِذا لم يكنْ من الموتِ بدٌ فمن العجزِ أن تموتَ جباناً.
فرُبَّ كَئِيبٍ لَيسَ تَندَى جُفونُهُ ورُبَّ نَدِيِّ الجَفنِ غــيرُ كَئِيبِ.
قد فارَقَ الناسَ الأَحِبَّـةُ قَبلَنـا وأَعيا دواءُ المَوت كُلَّ طَبِيبِ.
حلاوةُ الدنيا لجاهِلها ومرارةُ الدنيا لمن عقَلها.
كَثِيرُ حَياةِ المَرْءِ مِثْلُ قَلِيلِها يَزُولُ وباقي عَيشِهِ مِثْـلُ ذاهِـبِ.
إذا نلتُ منكَ الود فالمال هَين وكُل الَذي فوَقَ التُرابِ ترابُ.
طعم الموت في أمر حقيرٍ كطعم الموت في أمرٍ عظيم.
يرى الجبناءُ أن العجزَ فخرٌ وتلكَ خديعةُ الطبعِ اللئيمِ وكُلُّ شجاعةٍ في المرءِ تُغْنِيْ ولا مثلَ الشجاعةِ في الحكيمِ.
من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد.
فما كل من تهواه يهواك قلبه ولا كل من صافيته لك قد صفا إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة فلا خير في خل يجيء تكلفاً.
ما الخِلُّ إِلّا مَن أَودُّ بِقَلبِهِ وأَرَى بِطَرفٍ لا يَرَى بِسَوائِهِ.
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول.
تريدين لقيان المعالي رخيصة لا بُدَّ دون الشهد من إبر النحل.
وَعادَ في طَلَبِ المَتْروكِ تارِكُهُ إنَّا لَنَغفُلُ والأيَّامُ في الطَلَبِ
. لقد أباحَكَ غشاً في معاملة من كنتَ منه بغيرِ الصدق تنتفعُ.
وأني من قوم كأن نفوسهم بها أنف أن تسكن اللحم والعظما.
لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه.
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخراً للهلال.
تصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ وَلمَنْ يُغالِطُ في الحَقائِقِ نفسَهُ وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فتطمَعُ.
دونَ الحلاوة في الزمانِ مرارةٌ لا تُختطى إِلّا على أهوالهِ.
لا خير في خل يخون خليله ويلقاه من بعد المودة بالجفا وينكر عيشاً قد تقادم عهده ويظهر سراً كان بالأمس في خفا.
رُبَّ كئيبٍ ليس تنَدى جفونهُ وَربَّ كثيرِ الدمعِ غير كئيبِ.
لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ.
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم.
أَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ وأَغَيظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ.
خذ ما تَراه ودَع شَيئاً سمِعتَ بهِ في طَلعة البدرِ ما يُغنِيكَ عن زُحَلِ.
3- وأما أشجع أقوال المتنبي "لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي"
4- ومن أكثر أقوال وأشعار المتنبي حكمة "من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الاسباب و الموت واحد"
5- أنا الغريق فما خوفي من البلل؟
6- ومن رومانسيات أقوال المتنبي "لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ ... حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه"
7- وَما ماضي الشبابِ بمستَردٍّ ... وَلا يَوم يمُر بمستعادِ
8- ومن أكثر أشعار المتنبي انتشارا قوله "وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل"
9- ومما تعلمناه عن المتنبي في الكتب والمكاتب قوله "أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ ... وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ"
10- وليس أروع من قول المتنبي "ما كل ما يتمناه المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"
11- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
12- ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى ... أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْبا
13- إذا غامَرْتَ في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
14- وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ
15- بِذا قَضَتِ الأَيَّامُ ما بينَ أَهلِها ... مَصائِبُ قَومٍ عِنْدَ قَومٍ فَوائِدُ
16- فطعم الموت فى أمر حقير ... كطعم الموت فى أمر عظيم
17- تريدين لقيان المعالي رخيصة ... لابد دون الشهد من إبر النحل
18- ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ... يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا
19- على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
20- وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا
21- لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
22- إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَ يَبْتَسِمُ
هو أحد أكثر شعراء العرب شهرة إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق، وهو من الشعراء الذين اكتسبوا أهمية تجاوزت زمانهم ومكانهم، فلم يكن المتنبّي مجردَ شاعرٍ يملك من الفصاحة والبلاغة ما لا يملكه غيره من الشعراء، بل كانَ ذا شخصيةٍ مميزة، يعتز بنفسه ويفخر بها في قصائده ومجالسه. وقد كتب المتنبي شعر الهجاء والمديح والرثاء في السلاطينِ وغيرهم من الشخصيات المهمّة في زمنه. وقد كانَ للمتنبي أثر كبير في الشعرِ العربيّ امتدّ من زمنه إلى يومنا هذا، فلم يكفّ الشعراء عن قراءته، ولم يتوقّف الدّارسون للأدب العربيّ عن شرحه وتحليله ودراسته.
من أبرز الصفات التي اشتهر بها المتنبي هي الحكمة، فكان له العديد من الحكم عن الحياة وجميع نواحيها
وقد انتشرت بشكلٍ واسع لأنّها كانت تتّصل بالنفس الإنسانية بشكل كبير وتصف آلامها ونوازعها
1) المتنبّي
أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم.
وهو أحد أكثر شعراء العرب شهرة إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق، وهو من الشعراء الذين اكتسبوا أهمية تجاوزت زمانهم ومكانهم، فلم يكن المتنبّي مجردَ شاعرٍ يملك من الفصاحة والبلاغة ما لا يملكه غيره من الشعراء، بل كانَ ذا شخصيةٍ مميزة، يعتز بنفسه ويفخر بها في قصائده ومجالسه.
سبب تسميته بالمتنبي
كانَ أبو الطيب المتنبي شاعراً يفتخر بنفسه أيّما افتخار، حتى نعته الكثيرون بالغرور، وكان يهدف أن يعرفه الناس في كل مكان، فادّعى النبوة في صحراء الشام حتى تبعه بعض من الناس. ولما سمع بذلك سلطان دولة حمص قاتله واعتقله، وبقي المتنبي معتقلاً إلى أن تاب وأُطلق سراحه، ومن هنا أطلق عليه لقب المتنبي.
نشأته وتعليمه
نشأ الشاعر أبو الطيب في مدينة الكوفة وتعلم في أكثر مدارسها تميّزاً. ثم انتقل إلى البادية العربية في سوريا (صحراء السماوة) مع أبيه ليقضي هناك سنتين من عمره كان لهما الأثر الكبير على فصاحته ولغته العربية القوية، التي ظهرت واضحة في أشعاره لاحقاً. ثم ارتحل عائداً إلى العراق، لكنّه لم يلبث هناك كثيراً لأنّ المدينة لم تكن آمنة له، ذلك أنّه كان متعاطفاً مع القرامطة الذين كانوا يغيرون على بغداد في تلك الفترة، فلم تكن المدينة مستقرّة حينها. في بداية حياته العملية اتخذ المتنبي من مدح الشخصيات الثرية والمهمة في البادية الشاميّة وبغداد وظيفة يمارسها، وقد تميزت أشعاره في هذه الفترة بطابع موسيقي للأبيات الشعرية، وبكثرة استخدام التعابير المتناقضة، والتركيز على التعابير الموجزة.
شعره وخصائصه الفنية
شعر المتنبي كان صورة صادقة لعصره، وحياته، فهو يحدث عما كان في عصره من ثورات واضطرابات، ويدل على ما كان به من مذاهب وآراء، ونضج العلم والفلسفة. كما يمثل شعره حياته المضطربة: فذكر فيه طموحه وعلمه، وعقله وشجاعته، وسخطه ورضاه، وحرصه على المال، كما تجلت القوة في معانيه وأخيلته، وألفاظه وعباراته. وقد تميز خياله بالقوة والخصابة فكانت ألفاظه جزلة، وعباراته رصينة تلائم قوة روحه، وقوة معانيه، وخصب أخيلته، وهو ينطلق في عباراته انطلاقاً ولا يعنى فيها كثيراً بالمحسنات والصناعة. ويقول الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه في الأدب والفن أن المتنبي يعتبر وبحق شاعر العرب الأكبر عبر العصور.
مؤلفاته
ديوان المتنبي
لقد كان المعري أول من جمعه في كتابه معجز أحمد فيه ما صح أنه للمتنبي، أفضل شعراء العرب قولا، و أجودهم معنى، يحتوى ديوانه على أرقى المدحيات و أعنف الفخريات التي قيلت في تاريخ الشعر العربي
موته
كان المتنبي قد هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني بقصيدة شديدة الهجاء شنيعة الألفاظ و تحتوي على الكثير من الطعن في الشرف مطلعها:
مَا أنصَفَ القَومُ ضبّه وَأمهُ الطرْطبّه
وإنّما قلتُ ما قُلـ ـتُ رَحمَة لا مَحَبه
فلما كان المتنبي عائدًا إلى الكوفة، وكان في جماعة منهم ابنه محمد وغلامه مفلح، لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي، وهو خال ضبّة بن يزيد العوني الذي هجاه المتنبي، وكان في جماعة أيضًا. فتقاتل الفريقان وقُتل المتنبي وابنه محمد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول غربيّ بغداد.
قصة قتله أنه لما ظفر به فاتك أراد الهرب فقال له غلامه : أتهرب وأنت القائل :
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فرد عليه بقوله: قتلتني قتلك الله.
المراجع
المتنبي نسخة محفوظة 29 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
كتاب اللامع العزيز شرح ديوان المتنبي، أبو العلاء المعري
كتاب : ديوان المتنبي، تأليف أحمد بن حسين الجعفي المتنبي أبو الطيب
2) نسب أبي الطيب المتنبي
هو الشاعر العربيّ أحمد بن الحسين بن مرّة بن عبد الجبّار الجعفيّ الكنديّ الكوفيّ، والده جعفيّ وأمه همدانيّة، ولد في كندة إحدى مناطق الكوفة في العراق سنة ثلاث وثلاثمئة من الهجرة. نشأ المتنبي محباً للعلم والأدب وكان ذلك واضحاً من ملازمته للعلماء في مجالسهم، فكانَ غلاماً يتميز بالذكاء وقوّة الحفظ.[١] وقد نظم أول قصائده وهو في العاشرة من عمره مثأثراً بقصائد الشعراء القدماء وبشعر المعاصرين له.
سبب تسميته بالمتنبي
كانَ أبو الطيب المتنبي شاعراً يفتخر بنفسه أيّما افتخار، حتى نعته الكثيرون بالغرور، وكان يهدف أن يعرفه الناس في كل مكان، فادّعى النبوة في صحراء الشام حتى تبعه بعض من الناس. ولما سمع بذلك سلطان دولة حمص قاتله واعتقله، وبقي المتنبي معتقلاً إلى أن تاب وأُطلق سراحه، ومن هنا أطلق عليه لقب المتنبي.
حياة أبي الطيب المتنبي
نشأ الشاعر أبو الطيب في مدينة الكوفة وتعلم في أكثر مدارسها تميّزاً. ثم انتقل إلى البادية العربية في سوريا (صحراء السماوة) مع أبيه ليقضي هناك سنتين من عمره كان لهما الأثر الكبير على فصاحته ولغته العربية القوية، التي ظهرت واضحة في أشعاره لاحقاً. ثم ارتحل عائداً إلى العراق، لكنّه لم يلبث هناك كثيراً لأنّ المدينة لم تكن آمنة له، ذلك أنّه كان متعاطفاً مع القرامطة الذين كانوا يغيرون على بغداد في تلك الفترة، فلم تكن المدينة مستقرّة حينها. في بداية حياته العملية اتخذ المتنبي من مدح الشخصيات الثرية والمهمة في البادية الشاميّة وبغداد وظيفة يمارسها، وقد تميزت أشعاره في هذه الفترة بطابع موسيقي للأبيات الشعرية، وبكثرة استخدام التعابير المتناقضة، والتركيز على التعابير الموجزة.
المتنبي وسيف الدولة الحمداني
كان سيف الدولة الحمداني أميراً وشاعراً وأديباً، أحبّ أن يحيط نفسه بأبرع الشعراء والأدباء في تلك الفترة، وبقي أبو الطيب المتنبي حينئذٍ بجانب أبي العشائر في أنطاكية ويتمنى القرب من سيف الدولة، فقدمه أبو العشائر لسيف الدولة الذي طلب من المتنبي أن يكون شاعراً في رحاب سلطته، فوافق المتنبي على ذلك مشترطاً الحفاظ على فخره بنفسه، فطلب من سيف الدولة ألا يكون كباقي الشعراء يقبلون الأرض بين يديه، وألا يلقي الشعر واقفاً مثلهم، ووافق سيف الدولة على ذلك. وكانت العلاقة بين سيف الدولة والمتنبي علاقةً قوية، فكانا أشبه ما يكونان بصديقين، وكان سيف الدولة سخيّاً كريماً مع المتنبي. ومن أكثر القصائد تميّزاً تلكَ القصيدة العصماء التي كتبها المتنبي بعد انتصار سيف الدولة على الروم في معركة ثغر الحدث سنة ثلاث وأربعين وثلاثمئة من الهجرة. وقد بدأت العلاقة بين سيف الدولة والمتنبي تضطرب بسبب الحسّاد الذين كانوا يحاولون الإفساد بينهما، فعاتبَ المتنبي سيف الدولة لاستماعه لتلكَ المكائد، وكتب يعاتبه ببعض الأبيات، فردّ عليه سيف الدولة بأبيات توحي بعدم رضاه، واستمرت المعاتبة الشعرية بينهما حتى قذفه سيف الدولة بمحبرة في وجهه في أحد المجالس.
أبو الطيب المتنبي وكافور
انتقل أبو الطيب المتنبي إلى مصر، وكان كافور أحد سلاطينها. أغدقَ كافور على المتنبي الدراهم وأهتمّ فيه أشد الاهتمام، فكتب فيه المتنبي بعض قصائد المديح. ولم يرَ المتنبي الكثير من الخير من السلطان كافور، وقد كان يعيش في ضيق منه بعدما ضيّق عليه في مصر، فهجاه بأقبح الهجاء. وبعد أن أحس المتنبي بالغربة في مصرَ، قرر الرحيل عنها سنة ثلاثمئة وخمسين للهجرة قاصداً مدينة الكوفة في العراق.
مقتل أبي الطيب المتنبي
اختلفت الروايات المذكورة في مقتل المتنبي، إلّا أنّ المؤرخين اجتمعوا على قصة واحدة، وهي أن المتنبي كان قد كتب قصيدة يهجو فيها ابن أخت فاتك الأسدي وهو ضبة بن يزيد العتبي، والذي كان غدّاراً وبذيء اللسان، ويؤذي الناسَ بكلامه، فلجأ الناس إلى أبي الطيب المتنبي ليكتب فيه قصيدة هجاء، فهجاه المتنبي وكتبَ فيه قصيدة كانت تحتوي أقبحَ كلمات الهجاء. وعند خروجه قاصداً بغداد لقيه صديق له وأخبره بنية فاتك الأسدي بأن يؤذيه، وأنّ عليه أن يصطحب معه من يحميه، لكنّ المتنبي رفض ذلك ولم يكن معه سوى غلمانه، فلقيهم فاتك وأصحابه وأرادوا قتاله، فهمّ المتنبي بالهروب، لكنّ أحد غلمانه قال له
أولست من قال: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
فهزمت المتنبي كلماته وذهب للقتال على مضض، وقتل في تلكَ الموقعة على طريق بغداد قريباً من دير العاقول هو وغلمانه.
عوامل أثرت في شعر المتنبي
تأثر شعر المتنبي بالعديد من العوامل منها
الروافد الثقافية: ظهر المتنبي في عهد الخلافة العباسية، حيث كانت الدولة تعاني الكثير من الضعف والهوان، فكان المتنبي يرثي الدولة ويحاول إيقاظها بأشعاره، وكان هناك السلاطين والأمراء الذي انكب المتنبي على مديح بعضهم كسيف الدولة الحمداني.
الإحاطة باللغة والأدب: فقد كان المتنبي يحبّ التعلم ويسعى للحصول عليه، وقد اكتسب القوة في اللغة والبلاغة من الفترة التي قضاها في البادية.
المجالس الأدبيّة: كان الكثير من السلاطين في تلك الفترة يهمتون بالشعر والأدب وينظمون مجالسَ أدبيّة يحلم كل شاعر أن يكون جزءاً منها، لكنّ الوصول إليها لم يكن سهلاً، ولأنّ المتنبي كان على علاقة حسنة مع السلاطين، فقد كان يشارك هذه المجالسَ عند إقامتها.
منقول بتصرّف من mawdoo3.com مشكورا