آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

الردّ على د.إياد قنيبي

قدم د.إياد قنيبي حلقة جديدة من رحلة اليقين للرد على التطوريين المسلمين مثل د. نضال قسوم ود. رنا الدجاني، و قد شرفني بأن ضمني لهما (yassine cherkawi).

في الحلقة جهد كبير يستحق الثناء بالتأكيد..خاصة في جمع المصادر وتنسيقها..

إذ أن هناك كم كبير من المصادر في الحلقة،

كلها من مقالات في مجلات ومواقع علمية بالإنجليزية،

والمصادر تظهر على الشاشة لتؤكد للفئة المستهدفة من الحلقة حقيقتها ومصداقيتها.

د. إياد ينسب لكل هذه المصادر كلاما على طريقة "وشهد شاهد من أهلها".

فكل هذه المراجع صادرة من مجلات ومنابر التطوريين وأقلامهم وليس من أعداء النظرية.

ومن ثم هناك ملف مرفق يضم قائمة المصادر والمراجع لمن شاء أن يتحقق.

لكن هل هناك من ( الفئة المستهدفة) من يريد التحقق مما يقوله د. إياد؟

لم التحقق أصلا؟

د.إياد قنيبي يملك مصداقية مزدوجة

فهو يجمع بين كونه ( رجل دين) و ( حامل لدكتوراه علمية من جامعة غربية).

والأمران يملكان تأثيرا على هذه الفئة المستهدفة التي تعطي لرجل الدين مكانة وهالة معينة

وفي الوقت نفسه فأن " الدكتوراه من جامعة غربية" تزيد هذه الهالة والحصانة..

فهي تعبر عن علاقتنا المعقدة بالغرب

(علاقة الحب والكراهية في آن واحد).

ثم أن هذه المصادر بلغة إنجليزية وفيها مصطلحات علمية صعبة!

لم نبذل عناء التحقق من كلام يقوله رجل بمصداقية مزدوجة،

ونحن أصلا نريد أن نصدق ما يقول لأنه يتناسب مع ما نشأنا عليه

نعم. د. قنييبي ناجح جدا في رهانه على وعي الفئة المستهدفة

وعلى أن " إغراقها " بالمصادر سيحقق المطلوب تماما.

لكن هل كان النقل من المصادر دقيقا؟

أم أن بعض الجمل والمعطيات في هذه المصادر قد سقطت ( سهوا ) من د. قنيبي، وجل من لا يسهو...

وربما هناك جمل أيضا أضيفت..ربما كخطأ غير مقصود في الترجمة.

**********

1- يقول د. قنيبي في بداية الحلقة، وفي إشارة إلى مفاهيم التطوريين

( الإنسان الحديث ظهر أول ما ظهر في إثيوبيا، قبل حوالي 195 ألف سنة)

وأشار إلى ورقة علمية نشرتها مجلة Nature في عام 2005.

وإذا رجعنا إلى ورقة مجلة Nature سنجد أنها تتحدث عن تحديد عمر أحافير وجدت في إثوبيا منذ أواخر الستينات

وكان هناك خلاف حول عمرها

والورقة تؤكد من جديد ( بعد دراسة سابقة عام 1997 ) عمر هذه الأحافير ب 195 ألف سنة.

وتقول الدراسة بالحرف (earliest well-dated anatomically modern humans yet described.

أقدم ما عثر عليه من " الإنسان الحديث" حتى الآن).

https://www.nature.com/articles/nature03258

الفرق بين " أقدم ما عثر عليه حتى الآن" وبين قول د.قنيبي ( ظهر أول ما ظهر قبل 195 ألف سنة )

أن الدراسة تقول أن " أقدم ما عثرنا عليه أنه عاش في هذا المكان قبل 195 ألف سنة، حتى الآن) ..

أما الظهور الأول في بقعة ما قبل عدد محدد من السنين فهو ما لم تشر إليه الدراسة إطلاقا

على العكس، الدراسة تشير إلى إمكانية العثور على أحافير أقدم للهوموسابيانز.

لكن الإنطباع الذي يخرج به المتلقي مما قاله د. قنيبي سيؤهله للخطوة القادمة.

 

2- يقول د. قنيبي مخاطبا التطوريين العرب ( لكنه في الحقيقة يخاطب جمهوره)

إذن أنتم تقولون أننا معاشر البشر بشكلنا الحالي كان أول ظهور لنا قبل 195 ألف سنة في أثيوبيا، أليس كذلك؟

( انتهى كلام د. قنيبي).

لقد مرر د. قنيبي عبارة " أول ظهور" عبر نسبها إلى ورقة مجلة Nature ( وهي منها بريئة)

ووضع الصفحة خلفه وأشار بالهالة الصفراء إلى رقم 195 ألف

دون أن يشير إلى " ظهر أول ما ظهر" لأنها غير موجود

ثم ثبّت الأمر بمخاطبته للتطوريين وسؤالهم : أليس كذلك؟

بل لقد رد نيابة عنهم فقال: ( بلى، plus minus خمسة ألاف سنة )

هنا يلقي د. قنيبي قنبلته

طيب ماذا تفعلون بالحفرية البشرية المكتشفة عام 2017 في المغرب

والتي تعود إلى 300 ألف سنة حسب تقديرات المختصين بحيث عنون لها

" حفرية مكتشفة في المغرب تعيد ترتيب عائلة الهوموسابينز؟"

ثم يسخر من "الارتباك الحاصل" ويقول أن التطوريين يقولون

" مش مشكلة نعمل stretch للخط التطوري ونقول أن الإنسان الأول ظهر قبل 300 ألف سنة"

والكلام كله لد. قنيبي.

الذي حدث في هذا العرض الذي قدمه د. قنيبي

أنه جعل المتلقي يتوهم أن التطوريين كانوا يعتقدون أن الهوموسابينز " ظهر أول ما ظهر" قبل 195 ألف سنة..

و"ظهر أول ما ظهر" تعني أنه لم يكن له وجود سابقا ..

لذلك فإن " ظهور آخر" يحدث قبل 300 ألف سنة " سينسف" الاعتقاد السابق.

ورغم عدم وجود مشكلة في ظهور ما ينسف معتقد علمي سابق

إلا أن الأمر هنا تحديدا مضلل تماما

حفرية اثيوبيا كانت أقدم ما عثر عليها ( حتى الآن-2005 آنذاك - بلسان مجلة nature )..

ثم عثر على حفرية أقدم في المغرب تعود إلى 300 ألف سنة..

لم يتعلق الأمر بتاريخ ظهور الهوموسابيانز أبدا.

https://phys.org/news/2017-06-moroccan-fossil-rearranges-homo-sapiens.html

 

يصور د. قنيبي الأمر كما لو أن التطوريون صدموا وحزنوا وحاولوا ترقيع " الفتق" التي نتجت عن اكتشاف المغرب ..

وفي الحقيقة لو ذهبنا إلى نفس المقال الذي اشار له

لوجدنا أن ما حدث كان العكس تماما...

كان الاكتشاف انتصارا وفرحة كبيرة للباحثين..

إعادة ترتيب شجرة التطور بالنسبة للعلم أمر صحي وحيوي

والمقال يتحدث عن الاكتشافات باعتبارها " عظيمة"

و"ترسم صورة مثيرة عن الفوضى التي عاش فيها العالم آنذاك".

المنقبون والفرق العلمية يبحثون عن أحافير لتسد الثغرات وتعيد رسم الشجرة التطورية. هذا هو العلم.

Work in Progress دوما.

والعلماء والباحثون يعتبرون أنهم " يحققون انتصارت" بهذه الاكتشافات ونتائجها.

لكن د. قنيبي عكس الأمر مرتين..

مرة بحكاية ( أول ظهور) – التي كررها عدة مرات

ومرة بإيهامه أن الاكتشاف لم يرق للتطوريين.

 

3- في مصدره الثالث، عن حفرية في إسبانيا

قام د. قنيبي بالإيحاء للمتلقي أنه لا يزال يتحدث عن " الإنسان الحديث – الهوموسابيانز"

وبما أن تاريخ الحفرية يعود إلى 780 ألف سنة، فأن الإيحاء سيستمر بأن " الارتباك" في تاريخ " أول ظهور للهومو سابيانز"..

http://www.bbc.com/earth/story/20170214-your-face-is-probably-more-primitive-than-a-neanderthals#:~:text=It%20was%20called%20Homo%20antecessor.&text=The%20face%20of%20this%20new,years%20ago%2C%20well%20before%20H.&text="We%20now%20have%20four%20fragments,adult%20skulls%2C"%20says%20Stringer

https://www.newscientist.com/article/mg14719912-400-first-europeans-remain-in-spain

حاول د. قنيبي الإيحاء بأن هذه الحفرية تعود للهومو سابيانز

لأن ( وجه الحفرية المكتشفة كوجوهنا) –كما قال ..ثم قال :

"...بحيث أن الإنسان ظهر قبل الكائن شبه البشري الذي كان يفترض أن الإنسان تطور عنه

حتى قال مكتشف الجمجمة خوان أرسواغا أن هذا مفاجئ جدا

علينا أن نعيد النظر في تطور الإنسان ليناسب هذا الوجه

فعمره 800 ألف عام ومع ذلك فمن الواضح أنه فهو كوجوهنا"

انتهى كلام د. قنيبي.

الجملة الأولى التي قالها د. قنيبي هي استنتاجه الخاص فحسب

ولم يقل به أحد

المفاجأة كانت أن شكل الجمجمة  في الجزء الوسطي منها (mid face)

أقرب إلى شكل الإنسان الحديث مقارنة بالهومو هايدلبيرغ الذي عاش بعدها

( وهذا ما توضحه مقالة ايضا أدرجها الدكتور في مصادره)

وما أحدثته هذه الحفرية هي أنها أزاحت الهومو هايدلبيرغ H. Heidelberg من قائمة أسلافنا المحتملين

وصار هذا الجديد ( الهومو انتسيسور Homo antecessor ) قريب للسلف الذي أخذنا منه " ملامحنا".

د. قنيبي يشرح الموضوع بطريقة معكوسة

مصرّا على أن الملامح للجمجمة كانت " معاصرة"

وأنها أقرب ويوحي أن هناك مؤامرة وخيالات لإخفاء " هوموسابيانز" عاش قبل 800 ألف سنة وتسميته باسم آخر...

طيب لماذا نصدق " المختصين" عندما يكون الأمر عن أحفورة المغرب

ونكذبهم عندما يتحدثون عن أحفورة إسبانيا؟

ما المعيار في رفض هذا وقبول ذاك.

لست واثقا الحقيقة أنه يصدق بأحفورة المغرب لأنه فجأة في هذا المقطع أخذ يقول الـ ( 300 ألف سنة المزعومة)

سمعنا منه عن " التطور المزعوم" و" النوع المزعوم" ونتفهم هذا في سياق موقفه العام

لكنه هنا يرفض حتى الرقم الذي هو نتاج لتحليلات مخبرية لا يشترط أن تصدق بالتطور لتقبل بها..

"ولا زالت الحيرة في تفسيره قائمة- يقصد الملامح-

فمن شهور قليلة نشرت مجلة نيتشر دراسة تعيد التأكيد على أن وجوه هومو انتسسر تشبه وجوهنا

وتكلمت مجلة ساينس عن الحيرة في وضعه في تسلسله التطوري".

انتهى كلام د. قنيبي

 

دراسة مجلة نيتشر الحديثة استخدمت تقنية حديثة " تحليل البروتين"

لفحص طبقة المينا في أسنان تعود للهومو انتيسسر وتقارنها بنفس الطبقة للهومو إريكتس

وتكشف الدراسة عبر هذا التحليل أن الهومو انتسسر أقرب لنا من الهومو إريكتس

وهنا تأتي جملة " This placement implies that the modern-like face of H. Antecessor—that is, similar to that of modern humans—may have a considerably deep ancestry in the genus Homo

أي يشير هذا الموضع إلى أن الوجه الشبيه بالحداثة لـ H. antecessor -

أي مشابه لوجه الإنسان الحديث -

قد يكون له أصل عميق إلى حد كبير في جنس الإنسان )..

الشبه جاء من جنس الـ Homo الذي ننتمي له

والإشارة جاءت ضمنا ولا تعبر عن حيرة بالملامح وتفسير أصولها.

https://www.nature.com/articles/s41586-020-2153-8?proof=trueMay

أما مجلة ساينس التي قال الدكتور إنها تكلمت عن الحيرة في وضعه في تسلسله التطوري

فقد كانت تتحدث عن نفس دراسة الأسنان السابقة

وكانت تقول في عنوانها الرئيسي " الرجل الغامض يجد مكانه في شجرة العائلة"

أي أنها كانت تتكلم عن انتهاء الحيرة وليس عن الحيرة!

https://www.sciencemag.org/news/2020/04/mysterious-human-ancestor-finds-its-place-our-family-tree

لماذا تأخر انتهاء الحيرة كل هذا الوقت؟

لأن التقنيات السابقة لم تكن صالحة لهذا التحليل على أحفورة بهذا العمر

ولأن تقنية تحليل البروتين حديثة..

ولأن العلم بطبيعته تراكمي متحرّك إلى الأمام و ليس إلى الوراء

(1400) work in progress

كان هذا تدقيقا على أول 4 دقائق فقط من حلقة د.قنيبي التي تبلغ قرابة 50 دقيقة.

 

منقول عن الناشط التنويري yassine cherkawi مشكورا