فرحة تحويل الكنيسة إلى مسجد
الفرحة العارمة الغامرة التي أبداها البعض في مصر وفي البلاد الإسلامية بعد قرار تحويل كنيسة أو متحف آيا صوفيا إلى مسجد ، يدل على إنتشار ظاهرة ما أسميه " الألتراس الديني" ، الذي يشجع بلامنطق ، ويتعصب بهستيريا ، ويرفض نقاشات العقل ، ويشجع فريقه حتى لو كسب المباراه بالغش والتدليس ، فهذا الألتراس هو نفسه الذي يبكي ليل نهار على ضياع الأندلس التي كانت أسبانية مسيحية ، تبعد عن الجزيرة العربية مئات الألاف من الأميال ، ولاعلاقة لها بنا ، لكنه يبكي ويصرخ ويولول ، لأنها تابعة لفريقه وناديه ، ولايصح أن تذهب للنادي المنافس ، يغضبون نفس غضب إنتقال لاعب من ناديهم للفريق الخصم ، نفس ثقافة الألتراس ، الجيتو الرياضي الذي يجتر ماضيه ويعيش أسير الإنتماء القبلي والثأر الإنتقامي، هو نفسه الذي سيلطم الخدود ويشق الجيوب لو صدر قرار من حكومة إسرائيل بتحويل المسجد الأقصى لمعبد يهودي بعد التنقيب عن هيكل سليمان ، وسيتعللون وقتها بالحق الديني التاريخي أسوة بأردوغان ، واحدة بواحده!!، الألتراس الذي يهلل في الشوارع لفريقه الذي كسب المباراة بضربة جزاء ظالمة ، أو هدف أحرزه نجم الفريق بلمسة يد وظنها الحكم ضربة رأس ، نقل هذه الثقافة وهذا المنطق أو بالأصح اللامنطق إلى الألتراس الديني ، والذي ينمو ويتضخم في أزمنة غياب العقل وسيادة الخرافة وغياب المشروع الوطني أو القومي ، يتحول الحماس في الألتراس من مجرد تشجيع وإنتماء رويداً رويداً إلى قسوة وشراسة وعدوانيه، الحالة "الألتراسيه" لاتظهر فقط عند تحويل الكنائس الى مساجد ، ولكنها تظهر أيضاً عند نشر خبر إعتناق فرد للإسلام وبالطبع الأفضل أن تكون إمرأه فهذا يضيف البهارات على الخبر ويشعل حماس الألتراس الديني ويشفي الغليل ويثلج الصدر وينعش فؤاد الألتراس! ، وهذا إن عبر عن شيء فهو يعبر عن خلل نفسي وهشاشة فكرية وإحساس عميق بالدونيه ، بأن تحتاج كفرد إلى تقوية إيمانك من خلال خروج الآخرين من إيمانهم، وكأن إيمانك بناء من القش أو الكارتون أو الطين اللبن يقع مع أول نفخة ريح ،دائماً يحتاج إلى داعم خارجي وتأكيد مزمن من خلال عدم قناعة الآخرين بعقائدهم !!، دينك ياعزيزي لايحتاج إلى إحتفالات تخلي الآخرين عن دياناتهم، إحتفي بدينك بأن تعمل وأن تنجز وتتحقق وتفرض نجاحك وتشارك كتفاً بكتف في سباق الحضاره، لم أسمع أن الصين أو الهند إحتفت بالنجوم الأمريكيين الذين يخرجون على وسائل الإعلام ليعلنوا عن إعتناقهم البوذيه أو الهندوسيه ، لماذا؟، لأن الصين تحتفل بنموها الاقتصادي الذي يهدد مكانة أمريكا ، ولأن الهند تطلق أقماراً صناعية منافسة ، وتزيح شركات أدويه أمريكيه من على عروشها ، وتجعل من أبنائها الهنود مبرمجي الكمبيوتر العصب الأساسي الذي لايمكن أن يستغنى عنه وادي السليكون، لذلك لا الصين ولا الهند ولا كوريا ولا اليابان ..الخ لديهم ألتراس ديني يقيم الأفراح والليالي الملاح لدخول أي فرد لدياناتهم ، وأيضاً لايحزنون ولا يغضبون بل لايعيرون الأمر أدنى إهتمام إذا أعلن شخص أنه خرج عن البوذيه أو الهندوسيه أو الشنتو ..الخ، الألتراس الكروي أوكسيجينه هو دفء القطيع والإلتفاف حول صنم أو طوطم ، وتغذية نعرة التعصب والجدل السوفسطائي القائم على هلاوس ، ونجدهم مستعدين للحرق والشجار والهتاف بالسباب المنحط ، وهذا للأسف مانجده في الألتراس الديني ، جرب أن تكتب رأياً مخالفاً لرمز يلتف حوله هذا الألتراس خاصة من الدعاة الجدد ، ستسمع وتقرأ مالذ وطاب من السفالات التي تستبيح كل شيء ، وبلا أي سقف ، ثم حاول أن تدخل صفحة الشتام على الفيسبوك ، تجدها مليئة بالأذكار والدعوات ممايدل على قمة الورع والتقوى! ، وتجد صورته بجانب الكعبه هي الصورة الرئيسية ، ودموعه المنهمره أمام الحرم هي غلاف الصفحه !!، الكارثه هي ظهور بعض من يسمون أنفسهم الدعاه ويستخدمون اليوتيوب بديلاً للمنابر ، من الذين عرفوا أن الألتراس الرياضي هو الوقود الذي من الممكن أن يستخدموه ليضغطوا على الدولة ويكونوا الرديف الإخواني والإحتياطي الاستراتيجي وقت اللزوم ، لابد من أن تنتبه الدوله لأن شباباً قد إتجه إليهم ونجحوا في إستقطابه وتخديره وتزييف وعيه ، هؤلاء من سن ١٦ الى ٢٥ سنه ، ومن يقرأ ويحلل لغتهم على وسائل التواصل سيصل إلى نتيجة شبه مؤكده أنهم لو تركوا فريسة لهؤلاء الدعاه ، سنصبح أمام ميني داعش جديدة ، والخطوره هي أنهم لن يكونوا في سيناء أو على حدود ليبيا فقط ، ولكنهم سينفجرون في وجوهنا جميعاً من الأسكندرية حتى حلايب وشلاتين ، المشكلة أننا أمام ألتراس سيحدد مستقبل وطن وليس نتيجة مباراه.
منقول عن الباحث خالد منتصر مشكورا