إبن الهيثم
من أقوال إبن الهيثم
سعيت دومًا نحو المعرفة والحقيقة، وآمنت بأني لكي أتقرب إلى الله، ليس هنا أفضل من أن أبحث عن المعرفة والحقيقة.
الحقائق غامضة، والغايات خفية، والشبهات كثيرة، والأفهام كدرة، والمقاييس مختلفة، والمقدمات ملتقطة من الحواس، والحواس التي هي العدد غير مأمونة الغلط. طريق النظر معفى الأثر، والباحث المجتهد غير معصوم من الزلل؛ فلذلك تكثر الحيرة عند المباحث اللطيفة، وتتشتت الآراء، وتفترق الظنون، وتختلف النتائج، ويتعذر اليقين.
رُبّ مَـيّتٍ قـَدْ صَارَ بِالعِـلمِ حَـيَّـا ومُـبَـقًى قـدْ مَـاتَ جَهـلًا وَغَـــيَّـا
فاقتَنُـوا العِلمَ كَيْ تَنَـالُوا خُلـودَا لاَ تَعدُوا الحَيَاةُ فِي الجَهْل شَيْئَـا
الحقيقة ذاتها تبحث عن الحقائق المغمورة في الشكوك، وليست بمنأى عن الخطأ.
إن الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء على حالتها ويضع ثقته فيها، بل هو من يُعلّق إيمانه بهم، ويتساءل ما الذي جناه منهم؟. هو الذي يبحث عن الحجة، ولا يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يملؤها كل أنواع النقص والقصور؛ وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء- إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه- أن يستنكر جميع ما يقرؤه، ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك الأفكار من كل جانب، وعليه أن يتشكك في نتائج دراسته أيضًا؛ حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل.
البحث عن الحقيقة في حد ذاتها أمر صعب، والطريق إلى ذلك وعر.
الحقائق يكتنفها الغموض.
الله لم يعصم العلماء من الخطأ، ولم يحمِ العلم من القصور والنقص. لو كان هذا هو الحال، لما اختلف العلماء على أي من مسائل العلم.
لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملًا يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان
من الواضح أنه يعتقد في كل ما يقول بطليموس، دون الاعتماد على إثبات أو دليل، ولكن عن طريق التقليد الخالص. وهو ما لا يجوز إلا في إتباع سنن الأنبياء عليهم السلام، لا مع المختصين بالرياضيات.
1) الحسن ابن الهيثم
هو عالمٌ موسوعيٌ مسلم، في عدة مجالات منها الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والإدراك البصري والفلسفة العلمية، واسمه بالكامل هو أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، وقد استطاع أن يترك عدد هائل من المؤلفات والاكتشافات العلمية .
يعتبر ابن الهيثم المؤسس الأول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي، وهو أيضاً من أوائل الفيزيائيين التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في محاولة تفسيرها رياضياً دون اللجوء لتجارب أخرى.
نشأته
ولد ابن الهيثم في البصرة سنة 354هـ/965م في فترة كانت تعد العصر الذهبي للإسلام، واختلف المؤرخون أكان من أصل عربي أم فارسي. مع ترجيح كونه عربي الاصل ،بدأ بطلب العلم خلال تلك الفترة التي قضاها في البصرة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية. من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي، فبعض المؤرخين يؤكد أنه سني أشعري كضياء الدين سردار ولورانس بيتاني ومعارض للمعتزلة، والبعض قال أنه معتزلي كبيتر إدوارد هودجسون، أو شيعي كعبد الحميد صبرة. مع ارجحية كونه من السنة
غم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى الشام، ثم مغامرته بالانتقال إلى بغداد في وقت لاحق، وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون، لكن من المؤكد أنه بقي في مصر حتى عام 428 هـ/1038م. خلال فترة وجوده في القاهرة، ارتبط ابن الهيثم بالجامع الأزهر، الذي كان بمثابة جامعة المدينة، وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله، كتب عشرات الأطروحات الأخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات. ثم سافر بعد ذلك إلى الأندلس، حيث كان لديه متسع من الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب، والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات.
تعليم إبن الهيثم
بدأ بطلب العلم خلال تلك الفترة التي قضاها في البصرة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية. من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي، فبعض المؤرخين يؤكد أنه سني أشعري كضياء الدين سردار ولورانس بيتاني ومعارض للمعتزلة
لم يكرس ابن الهيثم نفسه لدراسة الرياضيات والمواد الأكاديمية الأخرى في سنٍ مبكرة، لكنه تدرب للحصول على ما يُعرف ب "الوظيفة الحكومية".
خدمة إبن الهيثم
تم تعيين ابن الهيثم كوزير للبصرة والمناطق المحيطة بها. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن ابن الهيثم راضٍ عن دراساته العميقة للدين، واتخذ قرارًا بتكريس نفسه تمامًا لدراسة العلوم التي وجدها أكثر وضوحًا في كتابات أرسطو. بعد أن اتخذ هذا القرار، قام ابن الهيثم بتكريس بقية حياته وكل طاقاته للرياضيات والفيزياء والبصريات والعلوم الأخرى.
مؤلفات إبن الهيثم
كتاب المناظر.
مقالة في التحليل والتركيب.
ميزان الحكمة.
تصويبات على المجسطي.
مقالة في المكان.
التحديد الدقيق للقطب.
رسالة في الشفق.
كيفية حساب اتجاه القبلة.
المزولة الأفقية.
شكوك على بطليموس.
مقالة في قرسطون.
إكمال المخاريط.
رؤية الكواكب.
مقالة فی تربیع الدائرة.
المرايا المحرقة بالدوائر.
تكوين العالم.
مقالة فی صورة الکسوف
مقالة في ضوء النجوم.
مقالة في ضوء القمر.
مقالة في درب التبانة.
كيفيات الإظلال.
مقالة في قوس قزح.
الشكوك في الحركة المتعرجة.
التنبيه على ما في الرصد من الغلط
ارتفاعات الكواكب.
اتجاه القبلة.
نماذج حركات الكواكب السبعة.
نموذج الكون.
حركة القمر.
مقالة مستقصاة فی الاشکال الهلالیة.
الحركة المتعرجة.
رسالة في الضوء.
رسالة في المكان.
تأثير اللحون الموسيقية في النفوس الحيوانية.
اختلاف منظر القمر.
أصول المساحة.
أعمدة المثلثات.
المرايا المحرقة بالقطوع.
شرح أصول إقليدس.
رسالة فی مساحة المسجم المکافی.
خواص المثلث من جهة العمود.
القول المعروف بالغریب فی حساب المعاملات.
قول فی مساحة الکرة.
الجامع في أصول الحساب.
كتاب في تحليل المسائل الهندسية.
فكر إبن الهيثم
كان لابن الهيثم إسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية، كما كانت مساهماته في علوم الفيزياء بصفة عامة وعلم البصريات خاصةً، محل تقدير وأساس لبداية حقبة جديدة في مجال أبحاث البصريات نظريًا وعمليًا. تركزت أبحاثه في البصريات على دراسة النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المرايا الكروية والمقعرة والزيغ الكروي، كما أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية الانكسار ليست متساوية، كما قدم عددًا من الأبحاث حول قوى تكبير العدسات.
وفي العالم الإسلامي، تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات، كما طوّر العالم كمال الدين الفارسي (المتوفي عام 1320م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات، وطرحها في كتابه تنقيح المناظر . كما فسّر الفارسي وثيودوريك من فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في القرن الرابع عشر، اعتمادًا على كتاب المناظر لابن الهيثم. واعتمد العالم الموسوعي تقي الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي، وطوّرها في كتابه نور حدقة الإبصار ونور حقيقة النظر عام 1574م
وفاته
توفي الحسن بن الهيثم في القاهرة عام 1040 عن عمر يناهز 75 عاما، بعد أن قدم انجازات عظيمة قد سطرها التاريخ بأحرف من ذهب .
المراجع
Lorch, Richard (2008), "Ibn al-Haytham",
موسوعة بريتانيكا, مؤرشف من الأصل في 30 مايو 2015,
Grant, Edward (2008), "Alhazen", Encarta Online Encyclopedia, Microsoft
الحسن, أحمد يوسف (2007), Al-Jazari And the History of the Water Clock,
Arjomand, Kamran (1997), "The emergence of scientific modernity in Iran: controversies surrounding astrology and modern astronomy in the mid-nineteenth century", Iranian Studies
Montada, Josep Puig (September 28, 2007), "Ibn Bajja", Stanford Encyclopedia of Philosophy
2) ابن الهيثم
هو أبو العلي الحسن بن الحسن بن الهيثم أو ابن الهيثم، وقد عُرف في المصادر الأجنبية بـ "Alhazen"، وهو عالم عربي مسلم واسع المعرفة في علوم متعددة؛ كالرياضيات، والطب، والفلك، والفلسفة، والفيزياء، كما أنّه كتب في المنطق، والأخلاق، والسياسة، والشعر، والموسيقى، وعلم الكلام، بالإضافة إلى ملخصات لكتب أرسطو وجالينيوس،أمّا أكبر مساهماته المشهودة حتّى الوقت الحالي فهي في علم البصريات.
نبذة عن حياة ابن الهيثم
ولد ابن الهيثم في مدينة البصرة جنوب العراق عام 965م، وأُطلق عليه اسم البصري نسبةً لها، وكان والده عاملاً حكومياً ممّا أتاح له تعليماً ممتازاً، فتلقّى تعليمه في البصرة، وأكمله في بغداد، وفي فترة من حياته عُيّن قاضياً على البصرة ولكنّه ترك القضاء متجهاً نحو دراسة العلوم المتنوعة بعد انتشار حركات دينية متناحرة أحدثت اضطراباً في ذاك الوقت.
سافر ابن الهيثم إلى العديد من البلاد كإسبانيا، كما أنّه عاش في مصر فترةً طويلةً، وذلك بعد استدعائه إليها من قِبل الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، إذ طلب منه إيجاد حل لمياه النيل التي تفيض، فقرّر ابن الهيثم أن يبني سدّاً على نهر النيل شمال مدينة أسوان ولكنّه لم ينجح في وضع مخطط قابل للتطبيق فخاف على حياته، وعندها ادّعى الجنون فصودرت ممتلكاته وكتبه، وأُجبر على الإقامة الجبرية في منزله حتّى اغتيل الخليفة الحاكم بأمر الله عام 1021م في ظروف غامضة، وبعدها عاش ابن الهيثم قرب الجامع الأزهر في القاهرة، وعلّم الرياضيات والفيزياء، واكتسب قوت عيشه عن طريق نسخ النصوص،وتوفي ابن الهيثم عام 1040م عن عمر ناهز الـ 74 سنة.
ابن الهيثم وعلم الضوء والبصريات
تميّز ابن الهيثم في نظريته عن الضوء والرؤية فهي لم تكن مبنيةً على أيّة نظرية سبقتها في التاريخ القديم أو الإسلامي، فهو أول من درس العدسات واكتشف قدرة العدسة المُحدبة على تكبير الأجسام، وقد تمّت الاستفادة من هذا الاكتشاف لخدمة الناس في القرن الثالث عشر الميلادي في صناعة النظارة أيّ بعد ما يُقارب مئة سنة من اكتشاف ابن الهيثم، كما أنّه درس طريقة مرور أشعة الضوء عبر مواد مختلفة ليكتشف قواعد انكسار الضوء، وهو أول من قام بتجربة تشتّت الضوء إلى ألوان الطيف الأساسية، وعندما حُكم عليه بالإقامة الجبرية لعشر سنوات بين 1011م-1021م كتب أطروحته العلمية بأجزائها السبع عن البصريات وسمّاها كتاب المناظر الذي اعتُبر من أكثر الكتب المؤثّرة في الفيزياء المعاصرة وفهم الرؤية والضوء، بما يُضاهي كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية لإسحاق نيوتن.
تُرجم كتاب المناظر للغة اللاتينية ووصل إلى أوروبا عام 1200م، فقد كان مساهماً أساسياً في التطوّر العلمي في أوروبا، كما أثّر على أعمال علماء أوروبيين مثل يوهانس كيبلر، واعتُبر الكتاب الأهم في البصريات حتّى كتابة العالم كيبلر لكتابه عن البصريات الفلكية عام 1604م، ومع كلّ تأثير هذا الكتاب في أوروبا لكنّه بقي مجهولاً في العلام الإسلامي حتّى عشرينيات القرن الرابع عشر الميلادي، كما ساهم هذا الكتاب في إعطاء علماء القرن الثالث العشر مثل جروسيتيست وغيره تصور جديد عن الكون وعن مبادئ جمالية وهندسية جديدة، وبذلك أثّر هذا التصور في فن العمارة القوطية للكاتدرئيات في العصور الوسطى، وعلى المنظور البصري الذي أدّى الى تطوّر الصور والتصوير.
اهتم ابن الهيثم بدراسة العديد من الظواهر الفيزيائية؛ كالظل، والكسوف، وقوس قزح، كما درس ابن الهيثم طبيعة الضوء الفيزيائية، وبناءً على نظرياته استطاع تفسير ظاهرة تضخم حجم الشمس أو القمر عندما يقتربان من خط الأفق، ومن أكثر ما عُرف عنه أنّه من أوائل من استخدم حجرة التصوير المظلمة والكاميرا ذات الثقب، كما أنّه اجتهد في تفسير آلية الرؤية في العيون مناقضاً نظريات العالمين بطليموس وإقليديس عن الرؤية التي تقول أنّ الأشعة الصادرة من العينين هي ما تُمكّنهما من رؤية الأجسام، وبهذه البحوث والإسهامات في علم البصريات اعتُبر ابن الهيثم أبا علوم البصريات المعاصرة.
ابن الهيثم والرياضيات
تخصّصت دراسات ابن الهيثم في مجال علم الهندسة الرياضية وليس الجبر، وقد نُسب إليه كتاب في الجبر لكنّه لم يصل إلينا، وقبل أن يأتي ابن الهيثم بدأ علماء الهندسة الرياضية في محاولة دمج نظريتين رياضياتين لأرخميدس وأبولونيوس، أيّ دمج نظرية مواضع الأجسام وعلاقتها بخصائصها المترية من طول وعرض وارتفاع، وكان هذا الدمج مُرشداً علمياً للعلماء من بعدهم؛ كالعالم الحسن بن موسى وثابت، وعندها بدأ ابن الهيثم في التعمّق في الهندسة الرياضية.
سجّل ابن الهيثم العديد من الإنجازات في الهندسة الرياضية؛ منها اثنتا عشرة ورقة علمية في الرياضيات اللانهائية (بالإنجليزية: Infinitesimal Mathematics) ولم يصل إلينا سوى سبع منها، وعشر ورقات علمية في نظرية الأقسام المخروطية وتطبيقاتها، كما عالج مشاكل أساسية في الرياضيات في عدّة ورقات علمية مثل؛ مقالة في التحليل والتركيب، وكتاب في المعلومات، وشرح أصول إقليدس في الهندسة والأعداد والعناصر، وكتاب في حل شكوك كتاب إقليدس في الأصول وشرح معانيه، كما أنّه درس وعالج مشاكل الفرضية الخامسة لإقليدس المُسلّم بها في نظرية البرهنة الرياضية، وعدّل على ورقة علمية عن نظرية الأعداد، وكتب أربع ورقات عن علم الحساب ومثلها عن علم الهندسة التطبيقية.
ابن الهيثم وعلم الفلك
استطاع ابن الهيثم أن يُفيد علماء الفلك المسلمين والأوروبيين على حدّ سواء بدراساته الفلكية، فقد حلّ بعض المشاكل التي واجهت العلماء المسلمين في تحديد القبلة، ونقد نموذج حركة الكواكب الخاص ببطليموس، ممّا أدى إلى ظهور دراسات في العالم الإسلامي تُفسّر حركة الكواكب بشكل مختلف في القرن الثالث عشر بمدينة مراغة الإيرانية، وفي القرن الرابع عشر في مدينة دمشق، كما أثّر ابن الهيثم على علماء الفلك الأوروبيين في عصر النهضة من خلال تفسيراته لبنية الكون وحركة الكواكب.
ابن الهيثم ومجالات أخرى
برع ابن الهيثم في العديد من المجالات الأخرى، ومن أهمّها ما يأتي:
مجال الطب: كانت أهم إسهامات ابن الهيثم في مجال الطب وطب العيون جراحة العين وتفسير آلية الرؤية والإدراك البصري. علم النفس: أصبح ابن الهيثم من رواد العلم النفس التجريبي عن طريق تفسيره لعلم النفس المرتبط بالإدراك البصري.
الفلسفة: اهتمّ ابن الهيثم بالفلسفة من جانبين هما كالآتي: فلسفة الظواهر (بالإنجليزية: Phenomenology): تُعنى هذه الفلسفة بتفسير الوجود والظواهر الكونية، وكان ابن الهيثم من روّادها، فقد وضّح العلاقة بين الظواهر المشهودة، وعلم النفس، والحدس، والوظائف العقلية، وأدّت نظرياته عن المعرفة والإدراك وربط العلم بالدين إلى فلسفة وجودية تُفسّر الكون بناءً على تأمّل الإنسان ومراقبته للظواهر التي حوله، ولم يتمّ التحديث على نظرياته في هذا المجال حتّى القرن العشرين.
فلسفة المكان (بالإنجليزية: Place Philosophy): كان تعريف المكان حسب فلسفة أرسطو إطاراً ثنائي الأبعاد يتصل بالأجسام في حالة السكون ويحتويها، لكن ابن الهيثم اتجه في تفسيره الى ناحية أخرى تماماً في ورقته العلمية رسالة في المكان، حيث وضّح أنّ المكان هو فراغ ثلاثيّ الأبعاد بين عدة أسطح داخلية يحتوي أجساماً داخله، وكانت هذه الفلسفة مقدّمةً لرؤية الفيلسوف الفرنسي ديكارت عن المكان في كتابه "Extensio" الذي صدر في القرن السابع عشر.
المنهج العلمي لابن الهيثم
تطوّرت الفلسفة الإسلامية في العصور الوسطى، وبالتحديد طريقة التجربة والخطأ للتفريق بين النظريات والاعتقادات حول طبيعة الكون، وقد أثّرت هذه الفلسفة على المناقشات بين العلماء والفلاسفة في ذاك الوقت، وكان ابن الهيثم من أهم المؤثّرين في هذا المجال، حيث إنّه طوّر طرقاً دقيقةً للتجارب العلمية المُتحكّم بشروطها ليتمكّن من التأكّد من صحة الفرضيات والتخمينات الاستقرائية التي تقوم على الدليل، وهي طريقة مشابهة لعلماء العصر الحديث في البحث العلمي والتي تتضمّن مراقبة نتائج التجربة عن طريق تكرارها، واختبار الفرضيات، والحاجة إلى دليل مستقل لتأكيد صحتها.
مؤلفات ابن الهيثم
كتب ابن الهيثم أكثر من مئتي عمل في مجالات العلوم المختلفة، ستة وتسعون منها معروفة ولكن لم يصل سوى 50 عمل إلى عصرنا هذا، أكثر من نصفهم عن الرياضيات، وثلاثة وعشرين منهم عن علم الفلك، وأربعة عشر عن البصريات، والباقي توزّع بين المجالات العلمية التي تخصّص بها، فقد كتب ابن الهيثم في غرفة متواضعة في جامع الأزهر أهم أعماله عن البصريات ألا وهو كتاب المناظر، كما أنّه كتب في الفيزياء وتحديداً في موضوع الجاذبية والعلاقة بين حركة الأجسام الساقطة والوقت والفضاء، بالإضافة إلى مؤلفات عديدة في الرياضيات، والهندسة، وعلم الفلك، والطب، وعلم النفس، وعلم التشريح، وآلية الرؤية، وطب العيون، كما أنّه شرح أجزاء العين ووظائفها بالتفصيل، وكتب مقدمةً عن طرق بحثه العلمي المعتمدة على التجربة والأرقام، ومن أهم أعماله التي تمّت دراستها ما يأتي:
كتاب المناظر. رسالة في الضوء. ميزان الحكمة. مقالة في القرسطون عن مراكز الجاذبية. رسالة في المكان. شكوك بخصوص بطليموس. تكوين العالم. نماذج حركات الكواكب السبع.