موضوع 33
من هو سعد بن عبادة بن دليم بن الخزرج
حامل راية الأنصار وحامي الرسول
زعيم قبيلة الخزرج، أسلم قبل الهجرة.
هو أحد النقباء الـ12 الذين بايعوا النبي محمد
بيعة العقبة الأولى التي مهّدت الطريق إلى يثرب.
"الطبقات الكبرى"
"تمتّع سعد بالثراء والكرم
وكان في الجاهلية يكتب بالعربية
وكان يحسن العوم، فكان يُلقّب بالكامل لذلك".
يقول ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة" عن كرمه:
"كانت جَفنة سعد تدور مع النبي وفي بيوته جميعاً"
لم يقتصر على الدعم المالي
بل سخّر روحه ونفسه أيضاً لنصرة الدين الجديد وحماية الرسول
فقد كان يجيد الرمي ويتمتع بشجاعة أهّلته
ليقود مع علي بن أبي طالب قوات المسلمين أثناء دخول مكة عام 8 هـ.
ويقول ابن حجر في "الإصابة"
"كان لرسول الله في المواطن كلها رايتان
مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار".
وكان سعد يتمتع بمنزلة عالية لدى النبي.
كانت علاقته مع عمر بن الخطاب سيئة
وكانت بينهم حوادث تشير الى خلاف حاد بينهم
فعمر يرى سعد بانه قد بلغ مبلغا اكثر مما يستحق.
بعد وفاة النبي عليه السلام
انشغل أهل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب
بشؤون تغسيله وجنازته.
يروي الطبري (ت. 310هـ) في تاريخه
"لما توفّي النبي
اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة"
كانوا يرونه انه احق بخلافة النبي
فهو من استقبل النبي، واعطاهم المدينة وانفق على المسلمين جل امواله
ولولاه لما استقبل المسلمون احد
وهو بمثابة المؤسس للدولة الاسلامية في المدينة
إنتبه القرشيون للأمر
فهبّ عمر بن الخطاب وأبي بكر إلى السقيفة
مُعلنين رفضهم لخلافة سعد بن عبادة
وانتهى النزاع بسيطرة القرشيين
عبر شخصية أبي بكر
وإخفاق سعد بن عبادة زعيم الأنصار
في نيل الاعتراف به كخليفة للنبي
بسبب الرفض الذي تلقّاه من فريقه متمثلاً في قبيلة الأوس
والذين رفضوا اختياره كونه زعيم قبيلة الخزرج
لما بين القبيلتين من عداوة جاهلية قديمة.
الشيء الذي دفعه للتمرد
رفض سعد الإذعان للسيطرة القرشية.
يروي الطبري أنه رفض بيعة أبي بكر
وقال حين أرسلوا له ليبايع
"أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل
وأخضب سنان رمحي،
وأيم الله ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما في حسابي"
فكان لا يجتمع معهم
وبقي كذلك حتى توفي أبو بكر ووُلّي عمر.
يعتبر أول انشقاق في الجبهة الإسلامية.
لم يبايع لا ابا بكر ولا عمر.
انزعج عمر بن الخطاب من سعد كثيرا
وبدا يدعو عليه، وتذكر نصوص التراث الاسلامي من الاحاديث هذه الاخبار
عن دعوة عمر على سعد بالموت والقتل.
روى البخاري (6830) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عن عمر بن الخطاب
ورواه ابن حبان (414) وفيه
قَالَ عُمَرُ ” فَقُلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ
قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَإِنَّهُ صَاحِبُ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ
وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا فِيمَا حَضَرَ مِنْ أَمْرِنَا أَمْرٌ أَقْوَى مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ
فَخَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ بَيْعَةٌ أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً
فَإِمَّا أَنْ نُبَايِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونُ فَسَادًا ” .
حين صار عمر بن الخطاب خليفة 13هجرية
ذهب اليه سعد وقال له
( إني متحول إلى جوار من هو خير عنك )
وبهذا أراد سعد ألا ينتظر ظروفا قد تطرأ بخلاف بينه وبين أمير المؤمنين
خلاف لا يريده ولا يرضاه.
فقرر سعد بن عبادة ترك المدينة والرحيل إلى الشام
بسبب العلاقة المتوترة مع الخليفة الجديد.
صريع الجن أم صريع قريش؟
تعددت الروايات حول مقتل سعد بن عبادة
لكنها جميعاً تتفق على موته اغتيالاً.
وقيل انه في الطريق تعرض لسهم في صدره
اطلقته الجن فمات
وقيل انه وُجد في المدينة ميتا وجسده اخضر.
قال ابن سيرين
بينما سعد يبول قائما إذ اتكأ فمات، قتلته الجن.
وفي تاريخ ابن عساكر عن ابن عون عن محمد
أن سعد بال وهو قائم
فمات
فسمع قائلا يقول “قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة، ورميناه بسهم فلم يخط فؤاده”.
فمات من ساعته
" توفي سعد بن عبادة بحوران من أرض الشام
لسنتين ونصف من خلافة عمر
كأنه مات في سنة خمس عشرة هجرية
وروى نفس الرواية ابن سيرين وابن عبد البر وغيرهما كثر
من أصحاب التراجم والطبقات من أهل السنّة.
تُعتبر نهاية الصحابي سعد بن عبادة من أكثر النهايات الجدلية في عصر صدر الإسلام
وذلك لكثرة الروايات المتداخلة والمتقاطعة حول طريقة موته
إذ لم تتفق حول طبيعة موته (طبيعية أم اغتيالاً)
وهو ما لم يحدث مع صحابي آخر بوزنه السياسي والديني
تُعتبر رواية ابن عبد ربه عن حادثة الاغتيال
وهي الرواية الوحيدة من الجانب السنّي
مع رواية البلاذري التي تحدد هوية الرجل المُرسَل بخالد بن الوليد
إدانة واضحة للخليفة عمر وللتصور الطوباوي لدى أهل السنّة عن مجتمع الصحابة
لذلك يشكك أهل السنّة فيها
ويكتفون بالقول إنه مات في مغتسله
ويسمحون بالرواية التي تقول بقتله عن طريق الجن
الأمر الذي فتح الباب للتفسير المنطقي لدى الشيعة والحداثيين حول عملية الاغتيال.
وفي إطار حديثه عن أسباب انتحال الشعر وتقاطعه مع المصالح السياسية والدينية
يشكك طه حسين، في كتابه "في الشعر الجاهلي"
في قتل الجن لسعد بن عبادة ويقول تحت عنوان "الدين وانتحال الشعر"
"اتخذت السياسة الجن أداة من أدواتها وأنطقتها بالشعر في العصر الإسلامي
في قتل سعد بن عبادة، ذلك الأنصاري الذي أبى أن يذعن بالخلافة لقريش
فتحدثوا أن الجن قتله
وهم لم يكتفوا بهذا الحديث
وإنما رووا شعراً قالته الجن تفتخر فيه بقتل سعد".
سير أعلام النبلاء – ترجمة سعد بن عبادة.
^ صحيح البخاري /ص 2507
^ صحيح البخاري ص 2507
^ تعدى إلى الأعلى ل: أ ب صحيح البخاري/ ص 2508
^ نور الدين الهيثمي. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. دار الكتب العلمية. ص 191.
^ أحمد بن حنبل (1/5)(18).
كتاب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام / للذهبي ص 3/148
^ كتاب أنساب الأشراف للبلاذري ص 589
^ كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي. ص 375
^ ابن كثير. البداية والنهاية. صفحة 40.
^ كتاب أنساب الأشراف للبلاذري ص 589
^ كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي. ص 375
^ ابن كثير. البداية والنهاية. صفحة 40.
^ علي البروجردي. طرائف المقال. صفحة 86.
^ أنساب الأشراف للبلاذري.
^ طبقات ابن سعد 3/617
^ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل.
^ كتاب الأستيعاب لأبن عبد البر ص 599/2
تاريخ دمشق لابن عساكر 20/266، وسير أعلام النبلاء 1/277، والاستيعاب 1/180، وتهذيب الكمال 10/277، وأسد الغابة 1/434، وطبقات ابن سعد 3/617.
https://omarjasim.org