آية مصيريّة تنفي وجود مهنة رجل الدين: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ==>ما جعل الله 1-أشخاصا يتوسّعون في الدّين و يضيفون فيه 2-و لم يهمل فيه شيئا 3-و لم يجعل صلة وصل بينه و بين الناس 4-ولم ينصّب أحدا لحماية الدّين و لكنّ المتكبّرين المنكرين يفترون الأكاذيب على الله وأكثرهم لايعقلون

أهل الذّكر

مقدّمة

1- ملاحظات بناءة

2- لنفهم ماهو الذّكر من القرآن؟

3- لنفهم من هم أهل الذكر من القرآن

4- لست من أهل الإختصاص

 

 

مقدّمة

إستغلّ أصحاب الإختصاص هذه العبارة

"فاسألوا اهل الذكر

إن كنتم لا تعلمون"

بتأويلها لمصلحتهم الشخصية!!!!

تأويل مكّنهم من فرض وساطتهم

بين الإنسان وبين الله (الوكالة الحصرية)

و بالتالي التحكّم و السيطرة على عقول الناس

فوصلوا إلى السلطة و الجاه

تلبية لرغباتهم و شهواتهم الجامحة

 

 

1- ملاحظات بناءة

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ

إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

(سورة : 21 - سورة الأنبياء, اية : 7)

 

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ

إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ

وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) 

(سورة : 16 - سورة النحل, اية : 43 - 44)

هاتين  الآيتين

رغم بساطتهما،
تمّ تحميلهما ما لا تحتملان
لدرجة أن العبارة

اسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

أصبحت

أساسًا لِوِكَالةٍ دينية كاملة
لم يأذن بها الله.

وهنا أقدّم لكم ملاحظات بنّاءة

توضّح المعنى الحقيقي:

1-

أتساءل هل قال لنا الله

إسألوا أهل الحديث إن كنتم لا تعلمون!!!!!؟

أو

إسألوا أهل الإختصاص إن كنتم لا تعلمون!!!!!؟

بالطبع لا.

ومع ذلك تمّ تفسير:

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

كالتالي

إسألوا أهل السّنة و الحديث و أهل الإختصاص إن كنتم لا تعلمون

و الكلّ يعلم أنّ أصحاب الإختصاص

أهلُ حديثِِ و سنّة و ليسوا بأهلِ قرآن

 

2-

الآية لا تطلب منّا الرجوع لأهل الذكر
في كل صغيرة وكبيرة من حياتنا

بل

في مسألة واحدة فقط

في موضوع واحد لا غير !!!!

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ

أي

التأكّد من أنّ الرسل الذين جاءوا

قبل محمد عليه السلام
كانوا رجالًا يوحى إليهم.

السياق واضح، والموضوع محدّد.
وليس فيه تأسيس

لمهنة رجل الدين الّتي لم ينزل بها الله من سلطان
ولا لإدارة حياة الناس بتفاصيلها المرهقة (الأغلال).

 

 

3-

الآية نزلت في مكة
  ولم يكن آنذاك

علماء
ولا فقهاء
ولا أهل ذكر

بالمعنى المتأخّر !!!!

 

4-

كلّ شخص مسؤول عن نفسه

في الحياة الدّنيا و يوم الحساب

الله سيحاسبنا نحن
بناءا على قدرتنا نحن
على فهم النصّ كما نستطيع
!!!!

وليس بناءا على فهم العلماء بالنيابة عنا!!!!

ولمن يخشى تعدّد المفاهيم
ما عليه إلاّ أن يقوم بجولة

ولينظر فقط إلى المذاهب اليوم:
عشرات المدارس

مئات الطوائف و الأحزاب
آلاف التفاسير المتناقضة

أليس هذا ما كانوا يخافونه؟
وقد حدث بالفعل رغم الاحتكار
!!!!

 

2- لنفهم ماهو الذّكر من القرآن؟

إذا كان الله قد أمرنا بسؤال أهل الذكر!!!!!
فمن هم إذن أهل الذكر الحقيقيون؟

ولكي نعرفهم
علينا أن نعود خطوة بسيطة إلى الوراء:

أصلا ما هو الذِّكر في القرآن؟

A-

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ

(سورة : 38 - سورة ص, اية : 1)

 

هنا يصف الله القرآن بأنه ذو الذِّكر.
أي أن الذِّكر

صفةٌ ملازمة للقرآن نفسه.

 

B-

لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا

فِيهِ ذِكْرُكُمْ

أَفَلَا تَعْقِلُونَ ؟؟؟!!!!

(سورة : 21 - سورة الأنبياء, اية : 10)

الذكر في الكتاب أيضا

 

C-

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ

إِنْ هُوَ

إِلَّا ذِكْرٌ

وَقُرْآنٌ مُبِينٌ

(سورة : 36 - سورة يس, اية : 69)

لاحظوا التعبير:
إن هو و ليس إن هما !!!!!! 

أي واحدٌ لا اثنان!!!!!! 
الذكر = القرآن المبين.

 

D-

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ

وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)

لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ

تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)

(سورة : 41 - سورة فصلت, اية : 41 - 42)

 

E-

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ

لِلذِّكْرِ

فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

(سورة : 54 - سورة القمر, اية : 22)  

 

بما أنّ الذّكر يوجد ضمن أو ينتمي إلى القرآن

فإن أهل الذِّكر هم ببساطة:

أهل القرآن
أهل الكتب الإلهية الصحيحة

لا الكتب البشرية.

هم الذين يقرأون ويدرسون
واحدًا من الكتب الإلهية حصريًا!!!!!

الكتب الإلاهية 19 !!!!!!!
وليس من يغوصون في روايات قيل وقال!!!!!
وفي نصوص بشرية

لا تقوم على أسس علمية ولا قرآنية سليمة!!!!!

 

3- لنفهم من هم أهل الذكر من القرآن

1-

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

(سورة : 21 - سورة الأنبياء, اية : 7)

 

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ

وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) 

(سورة : 16 - سورة النحل, اية : 43 - 44)

تدبّر أولي واضح و بسيط

الآية تقول:

لم نرسل من قبلك يا محمّد إلا رجالًا نوحي إليهم.

 لكن

إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بالبينات و الزبر

أي

إن كنتم في شكّ من هذه المعلومة

==> فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ
الآية خاصة بموضوعها
ولا علاقة لها بإدارة حياة الناس اليومية
أو تأسيس سلطة دينية.

 

2-

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ

فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ

مِنْ قَبْلِكَ

لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ

فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

(سورة : 10 - سورة يونس, اية : 94)

أمرٌ إلهي مباشر للنبيّ الحبيب نفسه:

إِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
إن دخل قلبَك شكُُّ ممّا يُتلى عليك،

فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ

مِنْ قَبْلِكَ

الآن لاحظوا التطابق المذهل بين الآيتين

فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ==> إِنْ كُنْتُمْ في شكّ من معلومة إرسال رجال يوحى لهم من قبل الرسول

  مقابل

فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ==> فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ 

 

استنتاج واضح لا يحتاج جهدًا:

 أَهْلَ الذِّكْرِ  =  الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ

==> أهل الذّكر هم الّذين يقرؤون الكتاب من قبل النبيّ محمّد

==> أهل الذّكر هم الّذين يقرؤون الكتب السماوية الّتي جاءت قبل القرآن 

وليسوا:

أهل الحديث

ولا أهل الاختصاص

ولا أصحاب الروايات

ولا من يدرسون كتبًا بشرية نُسجت عبر التاريخ.

الخلاصة الدقيقة

الله يأمر الناس بسؤال أهل الذِّكر
إذا دخلهم الشكّ

في أن الأنبياء السابقين كانوا رجالًا يوحى إليهم.

والله تعالى  بعظمته
أمر نبيّنا نفسه

أن يسأل الذين يقرؤون الكتب السماوية السابقة
إذا دخله الشكّ في ما يُنزَّل عليه من القرآن

أي في مسألة معيّنة و ليس كلّ شيء.

فكيف يُعقَل بعد كل هذا
أن يتحوّل “أهل الذكر” إلى
طبقة دينية تتدخّل في كل تفاصيل حياتنا؟!

أهل الذكر الحقيقيون هم:

الذين يقرؤون الذكر
الذي أنزله الله،
لا الروايات التي كتبها البشر.

 

 هذه الكتب السماوية عبارة

عن بيّنات (أشياء واضحة: فعل بيّن)

وزبر (زَبَرَ الكِتابَ: كَتَبَهُ، أو أَتْقَنَ كِتابَتَهُ فهو مزبُور، وزَبُور)

  les evidences (choses-preuves claires) et les ecrits parfaits 

كتب سماوية واضحة و مُتْقَنة

 

4- لست من أهل الإختصاص