ظاهرة الإتباع
من الصعب التحكم في عقولنا إذا كنا لا نملكها! نعم لا نملكها لأنها مجرد أجهزة تسكن بالدور العلوي من أجسادنا ويتمّ تأجيرها للآخرين من طرف الأغلبية.
من المؤلم أن تجد
- أشخاصا غُرّر بهم على الرغم من أن تخصصاتهم علمية،
- وأشخاصا أحكامهم وقراراتهم سطحية رغم شهاداتهم العليا،
- وأشخاصا تحليلاتهم وقراءاتهم لا توازي خبراتهم العملية،
كل ذلك بسبب تأجير عقولهم!
وقبل أن تحكم على هؤلاء وتقول الحمدالله على نعمة العقل،
يجب أن تحاكم نفسك بصدق لترى إن كنت ما زلت تملك عقلك أم إنك أجرته!
وحتى تتأكد من ذلك يجب أن تكون خاليا من أحد العلامات الخمس للعقلية المؤجرة!
*01. التسليم بمسلمات الغير:*
العقلية المؤجرة لديها تسليم تام بمسلمات غير قابلة للنقاش! وهذه المسلمات مبنية على تسليم الآخرين وتردد (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون). وهذه العلامة تعد من أبرز علامات العقلية القابلة للتأجير المنتهي بالتمليك! حيث تترك لغيرها فرض المسلمات ولا تحاول التفكر في تلك المسلمات أو إعطاء فرصة لمراجعتها وتعديلها، فيصبح العقل مستأجرا تعود ملكيته لمن وضع تلك المسلمات.
*02. لديها افتراضات لا منطقية:*
العلامة الثانية للعقلية المؤجرة استخدامها لقواعد وافتراضات غير منطقية، بل ومبنية على اجتهادات شخصية وضعها الآخرون لنا وقمنا بتطبيقها دون مراعاة أنها ليست مبنية على أبحاث أو تجارب مثبتة أو قواعد رصينة! فتم تأطير حياتنا وعقولنا بقوالب جاهزة من صنع غيرنا لا نستطيع الخروج منها، فنتوهم أننا نفكر ولكن في الحقيقة نحن نفكر داخل حدود ضيقة يصعب الخروج منها.
*03. تقدس صاحب الفكرة لا الفكرة:*
العلامة الثالثة من علامات العقلية المؤجرة أنها عقلية لديها تقديس للأشخاص، ولديها تفضيل لبعض الشخصيات والجماعات الذين يستأجرون تلك العقول بالمجان ومدى الحياة! وهذا التقديس يجعلها عقولا لا تحاكم الفكرة، بل تأخذها كما هي، وتتحول إلى عقلية عاجزة عن أخذ المفيد وترك الضار، لأنه يستحيل عليها مخالفة تلك الشخصيات والجماعات، وتتحول إلى عقلية قائمة على النسخ واللصق وتقديس المنقول دون تحليل ونقد من باب قدسية أصحابها.
*04. تفكيرها جماعي:*
*التفكير الجمعي هو نمط من محاكمة الحقائق والآراء يتقدم فيه الحفاظ على تماسك المجموعة وسيادتها على البحث بموضوعية عن الحقائق. وبسبب الضغط الملح على التوافقية يقوم الفرد بتأجير عقله ويخفي صوته حتى يتوافق مع صوت الجماعة. و التنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعية قد يساهم بشكل كبير في تأجير العقل لصالح التوجه الافتراضي الجمعي.
05. أحكامها فورية وانطباعاتها قطعية
بسبب كثير من الموروثات تصبح لدينا عقول مؤجرة تصدر أحكاما فورية مبنية على أحكام مسبقة، حولت الاعتقادات إلى عقائد، والعادات المجتمعية إلى انطباعات وقناعات قطعية! فتصبح الأحكام والقرارات تحت تأثير سلطة الموروث لا سلطة العقل الحر العلمي.*