يحيى بن شرف النووي
أبو زكريا يحيى بن شرف الحزامي النووي الشافعي المشهور باسم "النووي" هو مُحدّث وفقيه ولغوي مسلم، وأحد أبرز فُقهاء الشافعية، اشتهر بكتبه وتصانيفه
العديدة في الفقه والحديث واللغة والتراجم، كرياض الصالحين والأربعين النووية ومنهاج الطالبين والروضة، ويوصف بأنه محرِّر المذهب الشافعي ومهذّبه، ومنقّحه ومرتبه، حيث استقر العمل بين فقهاء الشافعية على ما يرجحه النووي. ويُلقب النووي بشيخ الشافعية، فإذا أُطلق لفظ "الشيخين" عند الشافعية أُريد بهما النووي وأبو القاسم الرافعي القزويني.
نبذة عن النووي
هو أبو زكريا يحيى بن الشيخ أبي يحيى شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزام الحزامي النووي،
ولد الإمام النووي في نوى في العُشر الأوسط من المحرم (وقيل في العُشر الأول) سنة 631هـ، وعاش في كنف أبيه ورعايته، «وكان أبوه في دنياه مستور الحال، مباركاً له في رزقه، فنشأ النووي في ستر وخير وبقي يتعيش في الدكان لأبيه مدةً» كما يقول الذهبي. ولما بلغ النووي من العمر سبع سنين، كان نائماً ليلة السابع والعشرين من رمضان بجانب والده، فانتبه نحو نصف الليل، يقول والده: وأيقظني، وقال: «يا أبتي، ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟» فاستيقظ أهله جميعاً فلم نرَ كلنا شيئاً، قال والده: «فعرفت أنها ليلة القدر».
ولما بلغ النووي عشر سنين جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، وفي سنة نيف وأربعين وستمائة مرّ بقرية نوى الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، فرأى النووي وهو ابن عشر سنين، والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، يقول الشيخ ياسين: فوقع في قلبي محبته، فأتيت الذي يُقرئه القرآن فوصيته به، وقلت له: «هذا الصبي يُرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به»، فقال لي: «أمنجم أنت؟» فقلت: «لا، وإنما أنطقني الله بذلك»، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم القرآن، وقد ناهز الاحتلام. وقد مكث النووي في بلده نوى حتى بلغ الثامنة عشر من عمره، ثم ارتحل إلى دمشق.
أخلاق الإمام النووي وصفاته
أجمعَ أصحابُ كتب التراجم أن الإمام النووي كان رأسًا في الزهد، وقدوة في الورع، وعديم النظير في مناصحة الحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن أهمِّ صفاته الزهد والورع، فيُروى أنه سُئلَ: لِمَ لمْ تتزوَّج؟ فقال: "نَسيتُ"؛ وذلك لاشتغاله العظيم بتحصيل العلم ونشره.
وفي حياة الإمام النووي أمثلة كثيرة تدلُّ على ورعٍ شديد، فكان لا يقبل من أحدٍ هديةً ولا عطيَّةً، وكان لا يقبل إلا من والديه وأقاربه، فكانت أُمُّه ترسل إليه القميص ونحوه ليلبسه، وكان أبوه يُرسل إليه ما يأكله، وكان ينام في غرفته التي سكن فيها يوم نزل دمشق في المدرسة الرَّواحية، ولم يكن يبتغي وراء ذلك شيئًا.
وكان الإمام النووي لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، وكان لا يشرب الماء المُبرَّد.
شيوخ الإمام النووي
سمع أبا الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي، وهو أجلُّ شيوخه، وأبا إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر، وأبا العباس أحمد بن عبد الدائم، وأبا البقاء خالد النابلسي، وأبا محمد عبد العزيز بن عبد الله محمد بن عبد المحسن الأنصاري، والضياء بن تمام الحيصي، والحافظ أبا الفضل محمد بن محمد البكري، وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب دمشق، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، وأبا زكريا يحيى بن الفتح الصيرفي الحراني، وأبا إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فاضل الواسطي، وغيرهم.
مؤلفات الإمام النووي
صنَّف الإمام النووي (رحمه الله) كتبًا في الحديث والفقه عمَّ النفع بها، وانتشر في أقطار الأرض ذكرها؛ منها: المنهاج في الفقه، وشرح مسلم، ومنها المبهمات، ورياض الصالحين، والأذكار، وكتاب الأربعين، والتيسير في مختصر الإرشاد في علوم الحديث. ومنها الإرشاد، ومنها التحرير في ألفاظ التنبيه، والعمدة في صحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك، ومنها التبيان في آداب حملة القرآن ومختصره، ومنها مسألة الغنيمة، وكتاب القيام، ومنها كتاب الفتاوى، ومنها الروضة في مختصر شرح الرافعي، وقطعة في شرح التنبيه، وقطعة في شرح البخاري، وقطعة يسيرة في شرح سنن أبي داود، وقطعة في الإسناد على حديث الأعمال والنيات، وقطعة في الأحكام، وقطعة كبيرة في التهذيب للأسماء واللغات، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، ومنها قطعة في التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر، ومسودات كثيرة.
من مؤلفاته نذكر
المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج.
روضة الطالبين وعمدة المفتين (في الفقه).
منهاج الطالبين وعمدة المفتين (في الفقه).
رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين (في الحديث).
الأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار.
التبيان في آداب حملة القرآن.
التحرير في ألفاظ التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي (في اللغة).
العمدة في تصحيح التنبيه.
الإيضاح في المناسك (في الفقه).
إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق (في مصطلح الحديث).
التقريب والتيسير في معرفة سنن البشير النذير (في مصطلح الحديث).
الأربعون النووية (في الحديث).
بستان العارفين (في الرقائق).
مناقب الشافعي.
مختصر أسد الغابة (في التراجم).
الفتاوى أو المسائل المنثورة.
أدب المفتي والمستفتي.
مسائل تخميس الغنائم.
مختصر التذنيب للرافعي.
دقائق الروضة.
دقائق المنهاج.
تحفة طلاب الفضائل (في التفسير والحديث والفقه واللغة).
الترخيص في الإكرام والقيام (في الفقه).
مختصر آداب الاستسقاء.
رؤوس المسائل.
مسألة نية الاغتراف.
وفاته
في الثلث الأخير من ليلة الأربعاء في الرابع والعشرين من رجب، سنة ست وسبعين وستمائة، توفي الإمام النووي
لائحة المراجع
الإمام النووي، عبد الغني الدقر
نزهة المتقين شرح رياض الصالحين
طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، موقع مشكاة للكتب الإسلامية
تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار